حواجز اللامعقول – البحث عن الذات
في ظهيرة يوم حار، هفا إلى سمعي صوت يطلب مني أن أجتاز حواجز اللامعقول ،وأن أدخل عبر بوابة غريبة علي في موقعها وزمانها ، وأن أتعامل مع روادها بما يقتضيه دخولها . لكن ما وجدته أثار دهشتي ، وصعقت لما رأيته ، وكأني غريب حقاً عن ذاك الزمان.
إحساس يدفعني لأتابع المسير ، وفضول لمعرفة كنن ذاك المجهول . وبالمقابل هناك شيئاً يشدني إلى الوراء ، وعدم المغامرة .
تريثت قليلاً حتى هدأت نفسي المتوترة ، وشربت كوباً من الشاي ، كي أستطيع أن أتعامل مع ذلك الموقف بكل حذر وهدوء ، ودون أي إساءة لمن حولي .
تجاوزت تلك اللحظة الرهيبة ، وبدأت أحس بالراحة والطمأنينة ، عندما بدأ الحوار يأخذ مجراه بكل صراحة وجدية .
لم أكن أتوقع أن أجد أمامي عقلاً زاخراً ، ناضجاً، متفتحاً إلى هذا الحد من الذكاء . يستطيع أن يحاور ويناقش في شتى الأطر المطروحة للمناقشة .
مباشرة وبدون أي إسهاب ، فرضت نفسي على ذلك الحوار ، واستطعت في وقت قصير أن أحرز على أكبر قسطٍ من الحديث الذي طرحته للنقاش ، واستطعت أن أكون فكرة شاملة لما يدور في ذلك المكان.
غامرت بعض الشيء في تصرفاتي ، واخترقت المجهول دون حساب . و تساءلت ! ... لماذا هذا التصرف ؟... لماذا تحدث تلك المتناقضات في سلوك الإنسان ؟... ولم يأت الجواب مباشرة ، رغم أنني شعرت براحة لقبول وجهة نظري ، لفصلها بين الخير والشر ... بين الصواب والخطأ . مما أدى البعض منهم إلى احتواء ذاتهم ، ومحاورة ضمائرهم ، من أجل تحقيق الذات الإنسانية بعيدة عن كل ما يشوبها من سلوك اجتماعي خاطئ .
* * *
أيام... وأيام ... عاد النداء ثانية لأفتح الباب ثانية طوعاً بيدي ، وأدخل دون أي شبهة قد تثير الجدل ، وكنت مثقلاً بأفكار راقية ، ومشحوناً بثوابت حصلت علبها بكل هدوء، دون إثارة أي ضجة حولي . وقدمت كل ما لدي من طروحات اعتمدتها لأحقق توازناً اجتماعيا وأخلاقياً . وبدأت أناقش كل فكرة على حدة ، وقد أثرت حفيظة البعض منهم ، فتقبل كل شيء بحوار جاد وصريح ، وأيده بالدعم الفوري لتحقيق الذات الإنسانية . والبعض اعترض لأسباب ذاتية لا تخلو من الأنانية ، لحرصه عدم خسارة ما توصل إليه ، وما حققه من أجل إرضاء نزواته الشخصية .
تابعت المسير في دروب متعرجة ومظلمة ،أحمل بيدي شمعة لأنني عزمت المضي قدماً لتحقيق أنبل غاية هدفها كرامة الإنسان وكبريائه .
مجموعة مشاعر في سطور
كتاب مناجاة
حلب 20/7/2005