مترددة الحرف.... يغتالني نسق الحقيقة... يدور في الأفلاك بعضٌ من دمي... يتشبع الغبارَ الكوني وبعضاً من حروف قد تبعثرت في الأجواء.. لم تتكاثف مع الغيوم التي زارت سماءنا.. فظلت تخنق العبرات المختفية ... تتسلل من وراء الأقلام، وتختبئ خلف الستائر... ترقبنا إلى أن نغادر المكان.. فتتسلل في أناة..
ثمّ تغاااااااااااااادر الأنفاس...
تعتلي الطاولة أوراقٌ من حنين... تلتهم أنفاس ذكراي التي بعدت... ويرتمي إلى جانبها هاتف أنظره بحذر.. بخوف.. بشوق.. وقلبي يدقّ يدقّ... علّه يدقّ هو الآخر.. يتشرب أنفاسي جرسه... وحين اصرف عينيّ عنه أجدها تشدني إليه مرة أخرى.... يقتلني الفضول... فأتدحرج من أفكاري للمطبخ.. يعلوني الحنين وأصواتهم وهم يطلبون الغداء... !!
أضع القدر على النار... اقطّع البصل... وأجرّد الطماطم من جلدها.. أسلخ أنفاسها وأعدمها على حافة السكين.. و بي ذكريات تلملمني للوراء... لست أذكر ما ضممته إلى الطماطم.. ففي القلب حنين للذكريات... يلتهم الزيت أنفاس الخضار المقطّعة... تصرخ الأخيرة من هول التهامه... تستنجدني.. وأنا أهيئ له اقتحامها.. أتلذذ باحتدام الإيغال والمقاومة...، ولا تزال تشدّني الذكريات .. وشرودي في حضرتها متصلٌ، ممتدّ... يسحب خيطا طويــــــــــلا من الأحداث متسخة الأماكن.. وملونة الوجوه... أبحث في وجوهها عن مخرج... فلا تسعفني ألوان الطيف التسعة... ولا حتى اتحادها فيّ... أشردُ... مخلفةً أصواتها وهي تحترق... وأصحو... ليس على رائحة تعفنها بين زفير النار وشهيقها... بل على صوت أمي وقد اعتلى وجهها احمرار مع صوتها الذي أقضّ عزلتي بي... فأعود وقد كساني غضب غير مبرر... أمسك بالهاتف... وأرميه في خزانتي وأغلق عليه بابها.. أجلس ونفسي.. ثمّ أعود لأخرجه من منفاه وقد التهمني بصمته.... ترى... هل يجب عليّ توبيخ الهاتف والوارد منه بالذات على عدم استقباله شيئا منه....، أم عليّ أن أوبخني حين أخفيته عن عيني... لعلي غيرت الخصائص أو الأوضاع... فصار صامتا وأنا لا ادري.... ولعله يخطئ الرسالة أو الرنة وأنا لا ادري... ربما تكون ذبذبات هاتفه متعرجة فلا تصل لهاتفي.. تحيد عنه لأنها تنحني عن هاتفي نصف درجة...
سارعت الى الخزانة... واعدت الهاتف لمكانه على الطاولة - شاردة ً في ذكرياتي القاتمة-
عبلة سلمان... الرّوح العطشى
الاحد 6-11-2008