وإنّي أحبك
وإنّي أحبك قبل الميلاد، أو ربما بعد الميلاد..
فحبك تربع على عرش أشواقي، وسكن أعماق أعماقي
من تاريخ يمتد داخلي، كامتداد الجبال والسهول والروابي،
من الشمال إلى الشمال..
وظلالك الوارفة تشابكت حول جذوري، كجذوع الأشجار
الممتدة من تاريخ الأحرار
وبيوتك العتيقة المتراصة حول المدينة، في الأرياف القريبة أو البعيدة
تشهد أن لك تاريخاً لن يموت، ولو مرت آلاف السنين
وتربتك النقية، تتنسم منها طيب دماء الأحرار..
وإنّي أحبك
يا جذوراً تأصلت في دمي، عابرة أزماناً كانت وسنين..
فلا تعاتبيني.. إن لم أزرك سوى مرةً في العام
فرغم الغياب، فحبك قابع في ضلوعي
وجذورك مستقرة، بين مهجتي و محيطك إلى ما لا نهاية..
وإني اليوم، أعبر إليك مسافات الحنين، لضمّ نسائمك الصفية
فتراقصني أوراق الصفصاف، وتطوقني أشجار اللوز والتين،
والنباتات الخضراء..
ويلفني أريج أزهارك العابق عبر العصور..
وإنّي أحبك
بمقدار حبات رمال ضفافك، وبمقدار أنفاس أشواقي، وطيب أرواح الشهداء،
وكل خطوة خطاها فوقك الأحرار..
لاقيتك اليوم بكثبانٍ من الأشواق، تراكمت مع الأيام والسنين،
فلاقيني بشذا تاريخك العريق..
وإني كل عامٍ أَزفّ إليك أشواقي، فتُزفُّ حناياي بأهازيج الريف
تضمني سماؤك وأرضك، والهواء العذب وزهر كل الفصول
والجذور الشامخة شموخ الجبال..