ما زالَتْ سهامُ حبِّكَ المُخضَّبةِ بالشَّجنِ توغلُ في النَّفاذِ إلى عُمقِ أوعيَتي، كلَّما تمكَّنَ في قلبِ شرايينِكَ الوجعُ أكثرَ، وكلَّما تمادَتْ بينَنا مسافاتُ الاغترابِ تمدُّدا ..
لستَ بحاجةٍ أيها المُستَعصي على ممحاةِ النِّسيانِ أنْ أذكِّرَكَ كلَّ حنينٍ، بحجمِ اطِّلاعِكَ على خبايا سريرَتي ما دامتْ مساحاتُكَ لا تغادرُ دهاليزَ روحي مذْ فُطمَتْ رئتايَ على نديِّ نسائمِكَ، وعيوني على بهاءِ أرديتِك، ومشاعري على فرحةِ مائِكَ المنسابِ عطاءً وسُقيا، وذائقتي على ألحانِ عنادِلِك ..
كنتُ أحسَبُ أنَّني غادرتُكَ محتَفِظًا لك بأطيافٍ أراني فيها، كلَّما دعاني داعي الشَّوقِ أن أكحِّلَ عينَ محبَّتي برؤياكَ ، حتى اكتشفْتُ أنكَ كلَّكَ بقضِّكَ وقضيضِكَ سبقتَني إلى سُلَّمِ الرحيلِ ترتِّبُ بحضورِكَ المتجدِّدِ استقْبالًا في لحظةِ استدْبار ..
لن أحاولَ بعدَ اليومِ أن أؤوِّلَ ارتباطَكَ بمعاني أبجديَّاتي حدَّ اللغزِ، فلقد تقبَّلتُ قبلَ هذا بكثيرٍ بفطرةِ طفلي النَّائمِ على أديمِكَ، هدهَدةَ أكفِّكَ لمهدِ وجودي على ثراكَ دونَ أيِّ تفسير ..
أعدُكَ يا الماثلَ دومًا في أذهانِ قصائِدي، بأنِّي لن أجرِّبَ أنْ أستحْضِرَ لعيونِ نظمي ندًّا لوحيِكَ، فقدْ أثبتَّ علوَّ كعبِ لونِكَ في آفاقِ شعري وشُعوري رغمَ أنفِ الألوان ...
فقط توقَّفْ عن ممارسَةِ الأنينِ في حضرةِ توجُّعي عليكَ ولهفَتي، حتَّى أرتِّبَ لحزني بعضَ العزاءِ، ولفجيعَتي فيكَ الكثيرَ الكثيرَ من الأملِ والتَصبُّرِ والرَّجاء !!!!!