الفيلسوف جوتة يقول: إذا كان الاسلام هو التسليم لله فاننا كلنا نحيا ونموت فى الاسلام.
هناك لا يتحدثون فى الدين كثيراً ولا ثمة مظاهر تدين وتلك أمور خاصة بعلاقة الانسان بربه لكن التعاملات فى مستوى القمة غالباً، وبلادنا تضج بمظاهر التدين مع حالة جفاف أخلاقى حاد، ويصلى ويحج ويصوم كثيرون وفى نفس الوقت يكذبون ويغدرون ويظلمون.
ذكر الدكتور عبد الحليم محمود أن عالماً أمريكياً زار الأزهر عام 1984م وقال فى حوار له مع شيخه وقتئذ الامام عبد المجيد سليم أن الغرب الآن فى مرحلة روحية مضطربة ومن الممكن أن يتجه الى الاسلام ولكن من المحتمل أيضاً أن يتجه الى صوفية الهند، فهل أعد الأزهر برنامجاً لتوجيه الغرب نحو الاسلام .
هم لا يحتاجون اليوم سيوفاً ولا جزية ومن لم يعانق الاسلام منهم بينه وبين الاسلام شعرة بسلوكه الحياتى الذى يقترب من فلسفة الاسلام ، وما مظاهر الانحراف والعرى الا فقاعات على السطح تجد فى بلادنا أفقع منها .
الأهم من ذلك أن أوربا ومعها أمريكا تخلصت من الاستبداد أياً كان مصدره وقلبت العلاقة بين الحكام والمحكومين رأساً على عقب بما يجعلهم أقرب الى مقاصد وقيم ومبادئ الشريعة الاسلامية العليا منا ، فأين الشورى فى اختيار الحاكم والمشاورة فى أداء السلطة والعدل والمساواة والحرية واحترام المخالف والأقليات ، هنا أم هناك ؟ وكيف يتساوى الحاكم والمحكوم أمام القانون ، لولا الاجرام مع الشعوب المستضعفة خارج الحدود.
تظهر داعش وتضيف الى الشيزوفرنيا عقداً جديدة بتطبيقات شائهة للشريعة بالخلط بين الأخلاق والقانون فيتتبعون من لا يصلى ومن لا يصوم بالعقاب وهذه أمور لا تتدخل فيها الدولة ، بينما تهمل رعاية مصالح الرعية والمساواة وعدم الاستئثار بالسلطة ورعاية حقوق غير المسلمين.. الخ.
الأهم هو القيم الدستورية العليا من شورى وعدالة وعدل ومساواة وحرية وتعامل مع المنصب العام باعتباره أمانة لا ملكية خاصة واختيار حر شفاف للحاكم واخضاعه للمساءلة ، وهذا الجانب الأساسى فى الشريعة عطله المسلمون أنفسهم منذ منتصف القرن الهجرى الأول ، وأحياه الغربيون .
داعش قد تطبق جزئيات فرعية قانونية مثل تطبيق بعض الحدود ، لكنها تبقى بلا قيمة تذكر لأن القيم الدستورية والمقاصد العليا والمبادئ المستمدة منها تلك القوانين معطلة وهناك استبداد باسم الدين ويستطيع الأمريكان والطليان والانجليز محاكمة مسئوليهم وحكامهم ، ومستحيل أن تنال ذلك مع داعشى يتصور أن عروقه تجرى بها دماء مقدسة ، ونستطيع قراءة المشهد العام بوضوح اذا استدعينا حديث النيى صلى الله عليه وسلم " كانوا اذا سرق فيهم الشريف تركوه واذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد " ، فالقيم العليا من مساواة وعدالة التى يستوى أمامها الجميع غائبة، فلا قيمة ساعتئذ للقوانين ولا للحدود .
وزعوا البنادق وأطلقوا لحاكم وأطيلوا شعوركم وأكتبوا بعض اللافتات وانشروا فيديوهات اقامة الحدود على السارقين والزانيات واستولوا على بعض آبار النفط وبعض البلدات وأنا خليفتكم ، فهل هذه خلافة ؟ ، فمن أعطاك الحق ومن فوضك للتحدث باسم الاسلام والشرع وتخوض حروبك الخاسرة نيابة عن الأمة ؟
الخلافة التى دوخت العالم كله وكبدت القوى المعادية جهوداً وأموالاً وعقوداً طويلة من العمل والتخطيط لكى يتمكنوا من اسقاطها بعد طول عناء ، تريد داعش بسهولة اهداء رفاهية اسقاط خلافة وهمية مهترئة لم تقم فى الأساس للولايات المتحدة الأمريكية .
الآن يستطيع أوباما وهو جالس بمكتبه البيضاوى ممدداً ساقيه الطويلين على مكتبه مرتدياً حذاءه اللامع اسقاط الخلافة بكل سهولة ، ليس بصواريخ سكود وطائرات بدون طيار ، انما بالقوة التى منحتهم اياها المبادئ والقيم الدستورية العليا للشريعة ، حتى لو لم يكونوا مسلمين.