..
هذا التعليق كان جزء من تعليقي على الإصدار الأخير للأديبة كاملة بدارنة
وهو ما يتعلق تحديدا بقصّة " باروح بالدم"
----------------
هي قصّة بالرّوح بالدّم"، حيث تطرّقتِ الكاتبة لقضيّتين بشكلٍ متوازٍ وقضيّة ثالثة على هامش القضيّتين. القضيّة الأولى: هي قصّة قتل الجسد الذي يمارسه الاحتلال، فهو يغتال كلّ شيء حتّى أحلامنا، وأهمّ ضحايا اغتياله هم الشّباب، فكانت صورة الجنازات التي لا تنتهي، والتي لم تغبْ عن ذاكرتنا والتي أصبحت من كثرتها أليفة عاديّة، يمرّ عليها البعض مرور الكرام عبر النشرات الإخباريّة، وغالبا ما يكتوي بنارها الأهل والأصدقاء المقربون فقط، هنا كان قتل الجسد رغم القناعة بأنّ الشهيد حيّ عند ربّه. والقضيّة الأخرى الموازية: هي قضيّة قتل الرّوح، حيث تتحدّث القصّة عن فتاة تتعرّض لحادثة تحرّش جنسيّ من صبيّ صغير أرادت الكاتبة أن يكون هو الشهيد في القصّة لسبب سندركه لاحقا. الكاتبة أرادتها قصّة تحرّش وليس اغتصاب، إذا فهمت هدف الكاتبة بشكل صحيح، كيْ تقول أنّ هذه الحادثة التي لم تترك أثرا على جسد الفتاة لكنّها تركت كلّ الأثر في نفسها فتلت روحها، فكيف لو كانت الحادثة حادثة اغتصاب، وهذا يحسب للكاتبة. والسّؤال هنا: لماذا هذا الرّبط بين القصّتين وبين شخوصهما؟ ولماذا اختارت الشّاب الذي تحرّش بالفتاة ليكونَ هو الشّهيد؟ بينما كانت تستطيع أن تختار إنسانا عاديّا أو أحد المجرمين، لكنّها لم تفعل، بل اختارت من هو أكرم خلق الله قاطبة ليكون هو المذنب في حقّ الفتاة في قضيّة التّحرّش، هنا أرادت الكاتبة أن تُبرز حجم الجرح الذي تركته حادثة التّحرّش على نفس الفتاة رغم أنها لمْ تؤذَ جسديّا، وأنّها لم تستطع أن تنسى حتّى ولو كان فاعلها شهيدا، هي شاركت في جنازته وربّما غفرت له في النّهاية، ولكنّها لمْ تنسَ.هذه هي الرّسالة التي أرادتها الكاتبة حسب ما رؤيتي الشّخصيّة. أمّا القضيّة الثّالثة: فهي تسليط الضوْء على تلك العلاقة الهشّة التي تربط الآباء بالأبناء، وتلك المتابعة اللامسؤولة من الأهل في بعض المجتمعات من قبل أولياء الأمور، فالفتاة تدخل البيت وتذهب الى الحمام وملابسها متّسخة، ويبدو عليها آثار حادثة ما، ولا أحد يتنبه متى دخلت؟ ومتى خرجت؟ وما هي الحالة التي كانت عليها الفتاة في دخولها وخروجها؟ وهذه إشارة ولو من بعيد إلى أهمية متابعة أدقّ التفاصيل التي يمكن أن تكون كارثيّة على حياة أبنائهم في المستقبل
..