اغبياء
قبعت ( منتهى ) في ركن منزو من حديقة المدينة الكبيرة, تراقب حركة الهاربين من عناء الحياة, يتنفسون عبق الطبيعة, و يضعون عن كاهلهم اعباء وهموم اسبوع مثقل بالكدر, بدا الازدحام وكأنه المحشر الذي كلمتها عنه جدتها ( عائشة ) ذات ليلة كي تخلد الى النوم ناسية اسياف الجوع تقطّع امعاءها , وعادت اليها الصورة واضحة جلية تخترق ثلاثين عاما من الغياب, لقد بالغت الجدة عائشة في الوصف كي تتضاءل امامه احاسيسها الطفولية التي لا تقاوم, فبالغ المشهد في الامتداد بين حنايا ايامها البائسة , قالت في نفسها : الآن انت سيدة قرارك , وهبت واقفة واندفعت الى وسط الزحام , خالعة ملابسها دون خجل او وجل , وعلى تضاريس جسدها النافرة المثيرة عبارة تكاد تخفيها النجاد والوهاد , اوقفوا الحرب على الــ ......
انتقل المشهد بلمح البصر وثارت زوبعة متباينة من الاحتجاجات والمعاني : فن ... , مومس ...., جرأة ... , فلسفة ... , ...., كان البستاني ( ابو حنظلة ) في هذه الأثناء يجرجر بصعوبة بالغة مرش المياه الى الجانب الآخر من الحديقة , ليكفأ عن خضرتها سحنة العطش والذبول , مارا بالمشهد المثير, اقشعر بدنه ودون ارادة منه لهج لسانه بالسباب وهو يعارك المرش اللعين , وافلتت من بين اسنانه المصطكة احرف متناثرة : ... قح ... بي ... بن .... تل .... , وانفجرت اثر كلماته موجة من السخط والسباب , استدارت ( منتهى ) تقهقه في حركة مسرحية الى الجمع لتقول : الآن عرفت كيف تفكرون , تمتمت في سرها ...... ايها الأغبياء .