لانريد عراق ثانِ اسمه اليمن ..

اليمن هي بلد الحكمة كما وصفها الرسول عليه الصلاة والسلام في احاديثه ,لكن ما يجري اليوم من اشكالات وجدتها في اثناء متابعتي وقراءتي العميقة للوضع هناك وعلى جميع النواحي منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية هي من دعتني لكتابة هذا المقال , و لأنه بلد عربي احبه واغار عليه ولا اريد له إلا كل الخير والاستقرار والامان والنهضة كما أتمنى لبلدي و سائر بلاد امة العرب , وكي لا تتكرر التجربة العراقية المرة ّ المذاق فيه
فأني سأحاول ان اشخص مكامن العلة واقدم رؤيتي المتواضعة له لعليّ بها المس نبض الشارع الحقيقي بلا تزييف او مجاملة لسلطة حاكم او سواها .. فاليمن ثروة لا تزول
وهي ذاكرة كل عربي شديد الانتماء لعروبته ووحدته هو امراً لا يعني اليمنيين فقط بل العرب ككل , فبعد الحرب الدامية سنة 1994التي حصلت باليمن والتي سقت ارضها بدماء الابرياء الذين لا ذنب لهم سوى انهم يمانيون,
علينا ان ننظر بشكل اكثر جدية وعمق للمساهمة الفعلية للوقوف معهم خشية عدم تكرار ما حصل فالشعب اليمني الاصيل هو عربي ومسلم والقضية هي واحدة والحل يجب ان يأتي من كل الإطراف بعيدها قبل قريبها والرابط هو ان اليمن هي مهد حضارة امتنا العربية العريقة لذا فأن
المشكلة القائمة الان تقوم على عدد من الركائز غير المستعصية على الحل ان وجدت النية الحقيقية الصادقة لحلها في الحوار الراقي المتوازن
وهي كما يلي :
اولا: المشكلة في الجنوب اليمني , اعتقد ان الذي يحصل في الشطر الجنوبي من اليمن هو تحصيل حاصل لمرض بسيط عولج بطريقة خاطئة حتى استفحل وتحول الى علة, فالسلطة استخدمت لغة القوة العسكرية القمعية لا النظامية. وهذا ما زاد الطين بلة كما يقال وهذا ما أدى بالتالي الى تعرض عدد لا يستهان به من ابناء الجنوب الى ظلم وجور من الوالي بحجج كثيرة ومازالت القصة بلا نهاية وخوفنا كل الخوف الى ان يستغل بعض الخبثاء هذا الآمر للتدخل بشكل سلبي يصعد من سخونة الموقف ويعيد طرح قضية الانفصال الى ساحة الوطن الواحد من دول الجوار او قوى اقليمية تلعب على ابقاء فتيل الأزمة مشتعل لتحقيق مآربها .
ثانيا: انتشار المحسوبية في التعامل والفساد المستشري في كل مفاصل جهاز السلطة وهضم حق المواطن اليمني بالارتقاء حتى يوازي على الأقل بلدان الجوار بالرقي والتنمية والنهضة بأوسع معانيها فاليمن كما هو معلوم تضاف الى قائمة الدول المعروفة بالفقر كالصومال و اثيوبيا ووووو الخ ومن حق كل مواطن فيه ان يأخذ حصته الشرعية بالعمل المحترم والتعليم والرفاهية في وطنه وليس في مكان اخر وهذا ما فشلت في تحقيقه السلطة طيلة فترة حكمها في تحقيق معدلات متوازنة في العدالة والتنمية.
ثالثا : قمع الحريات ومصادرتها بشكل متعمد وتخصيص اجهزة الاعلام لتخفي وتظهر للرأي العام ما يناسب وجهة نظر الحاكم والحكومة فقط لا غير , والدليل الأخير هو اغلاق عدد من الصحف اليمنية بالايام الماضية تحت مبررات غير مقبولة وبحجج غير مقنعة بالطبع. وهذا يقود الى تراجع معدلات اليمن التقييمية في السياسة والاقتصاد وغيرها .
رابعاً : استخدام تهمة العمالة والتخوين لكل من يعارض ما هو متبع في اليمن من سياسات وتطبيقات عمقت بشكل واضح وصريح الإشكاليات الحاصلة هناك , لذا فأن كل الشعب اليمني من وجهة نظر السلطة الان له القدرة على الخيانة والعمالة للأجنبي كونه يرفض فقط سياسات معينة اكل الدهر عليها وشرب و التي اتت بثمار فاسدة زادت الوضع تعقيدا .
خامسا:انتشار ثقافة التشرذم الاجتماعي فقانون المنطقة والعشيرة والمذهب هو اعلى اليوم من سلطة القانون في البلد وهذا ما كرس بالتالي للمذهبية الفكرية بين القبائل والمحافظات وهذه من اخطر الآفات التي تهدد سلامة المجتمع الواحد بحصول حرب أهلية وشيكة لا سمح الله.
سادسا: استغلال سلطوي بشع لبعض قيادات اليمن في التزوير وسلب ممتلكات الآخرين ونهب ثرواتهم مادام ان هذا الأمر يمر دون مساءلة او عقاب او حتى بتحقيق غير مكتمل النمو كما هو حاصل في عدد من بلداننا .
سابعا : التهميش لفئات على حساب فئة اخرى والعكس هو الصحيح, فالقوة والمال وحق تقرير المصير اليوم هي لمن يملك السلطة والمال لا لمن يشخص ويتكلم ويطالب بحل
ثامنا : القضاء الفاسد يؤدي الى مجتمع مفكك ومنحل تسهل فيه الجريمة بكل انواعها , والبطالة والفقر والعازة المستشرية في اليمن تعطي فرصة كبيرة لفئات نعول عليها كثيرا وهي فئة الشباب للمضي بهذا الطريق الخاطئ نتيجة لما ذكرت اعلاه
تاسعا : تسييس الجيش والشرطة وقوى الامن لسلطة الحاكم لحمايته وحماية حاشيته وقمع واضطهاد ومحاربة كل من يحاول التذمر من واقع الحال المأساوي
عاشرا : الإغراءات المادية الكبيرة والرشى التي تقدم للمثقفين كالكتاب والأدباء وأصحاب الرؤى الفكرية والعلمية والسياسية الخ في البلد والتعميم مرفوض لوضع مواد التجميل على بشاعة ملامح السلطة
ان هذه المعطيات الخطيرة ستؤدي الى عواقب اخطر بالنسبة للمستقبل القريب ولا نحتاج الى ان نكون اذكياء جدا حتى نعرف ان هناك من ينتظر فرصة الانكباب على اليمن بأسرع فرصة مادامت كل الشواهد تدل على الانهيار القريب ما لم تتم معالجة شاملة على كافة الميادين فنحن لا نريد عراقِ ً ثانِ ِ اسمه اليمن إطلاقا فيكفي ما حل بنا
ومادمنا قد شخصنا العلة لم يبق لنا إلا البدء بالعلاج ونعترف ان العلاج صعب ويأخذ وقت طويل من الزمن اطول من وقت انتشار المرض نفسه , لكن الأمل موصول بالله وبأخيار اليمن وشرفائه من ابناء اليمن الواحد الموحد لإنقاذ الوضع هناك ومهما كانت اسماؤهم ومذاهبهم ومشاربهم الفكرية المهم انهم يمانيون ويحملون هم ّ اليمن على اكتافهم وفي قلوبهم ونحن معهم مشتركين بهذا الهم بكل تأكيد فكلنا بالهم عربُ ..

بحق جعلتني أتأمل يا شمس , تخفين ورااء قناعك الأدبي قناعا سياسيا
نعم أنها محاولة إشعال فتيل أي بلد مسلم عربي يملك قوة خامدة ربما تتتصاعد مع الأيام