أشرقت الشّمسُ !
والفكر مترنّح في متاهات الوحدة ، مُطرقٌ أمام جبروت الحزْن ، مكبّل بقيود الصّمت ، للتّو أدركت حجم المأساة التي يخلّفها السّقوط في وحل اللذة الآنيّة ، للحظة تأمّل في مسيرة قلب !
للتّو استيقظت من غفوة الأمنية المصلوبة على مشنقة الواقع الهزيل ، وآمنت بأن استحالة الالتقاء عند مفترق الأحاسيس حقيقةٌ دامعة ، وأن للارتماء في أحضان الخيال لذة لايعادلها سوى ارتشاف الصّباح من عينين ناعستين ! ، وأن للذكرى العالقة بسقف الوجدان محبّةَ الورد لقطر النّدى ! ، مازلتُ أعلن انصياع المداد لدرب الأماني الموؤودة ، وأعلن العجز عن ملامسة أطراف البتلات المتدلية من أقصى نافذة بالقلب !
ربما يفوق إدراكَ الحرفِ حديثُ الرّوح ، وربما أعجزَ الأبجديةَ وقعُ أقدام الضيم على صفحة الصباحات الناصعة ، المتجددة بمالم يأتِ ، بالأمس القريب .. كنت أخطّ طريقاً محفوفاً بالأمل ، لمسيرة عامرة ، لقلب غضّ المنى .. واليوم .. أنعي كل نسمات العبير التي غادرت طريقي ، وتنحّت عن فضائي ، وهاهي تلوّح لي من بعيد ، دون أن تمنحني فرصة التحديق في عينيها ، أو إهدائها رسالة الوداع الأخير !
استدارت مرآة الزمن ، وربما توهّمتُ بأنه توقّف عند آخر ابتسامةٍ ، وآخر جرحٍ ، وآخر فرحٍ ، وآخر حزن ، لقد أوهمتني رمادية الواقع بأن الأبيض لون شاحبٌ لامذاق له ، وبأن الأسود وحده القادر على انتزاع النور من الأرواح المضيئة ، وبأن الملامح التي نُقشت على جبين المرآة ذات تأملٍ ذابت في لهيب الوقت !
تنفّست عمراً من الأنين ، وكنت أدمن الانتظار عند نهايات الشهيق ، لزفيرٍ يبعث كل ما استعصى على البوح ، كنت ومازلت أرمي بنظرات الوله كل نسمة تمضي بجوار القلب ، وأبعث تراتيل الغربة على أجنحة العصافير ، وأكاد أجزم أنها وحدها تدلّ متاهات الطريق !
انتهت كل لحظات الانتظار بخيبةٍ اسمها العجزُ عن البوح ، وأُرهقت كل نظراتي ، وتاهت العصافير ! ، وبقيت وحيداً تستفزّني الذّكرى ، ويراودني الأمل ، وتبلّل أجفان أمنياتي دموع الألم ، وتترصّدني جراح الطريق !..