-وسط جلبة تصادم الصحون ببعضها و هي تُعرض تحت ماء الصنبور المتدفق بغزارة، جذبت هند أمها من عباءتها لتطلب منها مساعدتها على الإتيان بكلمات تحوي حرف « الكاف» ، ... لكن الأم التي كان همها هو التخلص من شغل المطبخ ، نزعت عباءتها من قبضة اليد الصغيرة، و اشارت لها أن انتظري ... لكن الطفلة بقيت تلح و تلح ... فصرفتها نحو أبيها لعله يساعدها .
-ما إن دخلت الغرفة المظلمة إلا من ضوء خافت حتى سمعت ضجيجا و رأت أباها مضطربا لا يكاد يستقر على وضعية،... تارة يمد رجليه و تارة اخرى يطويهما ،... مرة ينهض و مرة يقعد ، يشد رأسه ،... يرتشف قهوة ثم يعيد الفنجان بيد مرتجفة متحسسا الطاولة ،... ينزع قبعته ولما يشعر ببعض البرد يعيدها ، عيناه مثبتتان على الشاشة... عادت هند من حيث أتت و أدركت انها عبثا تحاول لفت انتباهه و هو على هذه الحال.
-مع انتهاء الشوط الأول ، سكنت حركات حمدان الذي غادر الغرفة ليشعل سيجارة، قابلته هند تطلب منه كلمة فيها حرف «الكاف»... ابتسم و قال لها حاضر... اغمض عينيه ووضع سبباته على صدغه يفكر ...ها قد وجدتها : نكبة ، ايوه نكبة... اكتبيها ... سمعته خديجة من داخل المطبخ و كانت للتو قد أنهت شغلها فخاطبته لائمة : اهذا ما وجدت ؟ فقط كلمة نكبة ؟ ، من آلاف الكلمات وجدت نكبة فقط وهي لا تدرك حتى معناها...قل لها مثلا: شكولاطة، سمكة، كلب،...الخ كلمات من محيطها . لم يرد عليها و خرج يدخن سيجارته .
-انطلق الشوط الثاني فعاد الضجيج من التلفاز و عاد حمدان الى جنونه ... انزوت الطفلة جنب امها المتلفعة بخمارها المزركش قرب المدفئة و شرعت تكتب كلماتها .
-ضحكت خديجة بينها بين نفسها و تساءلت: نكبة! كيف يسمح لنفسه ان يقولها لطفلة في السنة الاولى ، الم يجد غيرها ... وبينما هي كذلك سمعت حمدان يصرخ صراخ الانتصار : فزنا، الحمدالله لقد فعلتها مانشستر في الدقائق الاخيرة ، يا سلام عليكم يا أبطال ...!
-عادت خديجة الى تساؤلاتها : بينه و بين دولتهم بحر بكامله و هو في هذه البقعة النائية المنسية يصفق لأطفال كبار يتقاذفون جلدا منفوخا و يركضون وراءه ... يا للتفاهة... قطع شريط تفكيرها صوت هند تطلب منها كلمة رابعة لتكمل واجبها ، قالت لها على الفور اكتبي نكبة أيوة أكتبيها.