الحلقة الثامنة
أغمض نادر عينيه ليستعيد تلك الدقائق الغالية التي أمضاها .. مع هديل ؟!! ..لا .. لالا .. مع السريرة بعيد تسلمها للجائزة وكان قد بذل جهداً كبيراً في قيادة السيارة الجديدة وتفادي الارتطام بأكثر من حافلة علي الطريق وقد أصابه نوع غريب من التوتر الممزوج بالسعادة والابتهاج وهو يري حلم حياته تجلس إلي جانبه والموسيقي الحالمة تنبعث من جهاز الترانزستور بالعربة والمغني يردد ( لكن غرامك حبه حبه ..صلاني بنارو ولهيبو ) ..آه لو تعلم هذه البنت كم أحبها .. ربما أكثر قليلاً من هديل ..فقط لو تعلم ..والمحزن في الموضوع أنها تعاملني مثل شقيقها الأصغر همام ..صحيح إنها لطيفةً معي في حدود اللياقة والذوق والتهذيب ..لكن هذا لا يكفي ..نعم هي تكبرني بحوالي ثلاث سنوات ..فأين المشكلة وأنا أحبها لدرجة الجنون ..هل عليّ أن أراجع شهادة ميلادي لأعرف كم أبلغ من العمر كلما التقيت فتاة فاتنة أم ماذا ؟ .. شكراً نادر .. تعبناك معانا .. واجبنا ..كنت أتمني لوتحضر معانا الكرامة بعد غد الجمعة بالبلد لكنه مشوار طويل وقاس .. لا عليك ..أحضري لنا نصيبنا وأنت تعودين إلي هنا .. سأفعل بالتأكيد سأفعل إن شا الله ..إييه لكم كبرت يا نادر وصرت فتي ما شاء الله عليك .. بس ؟!!! ..معقول يخفق قلبي لشخص في عمر شقيقي الأصغر .. صحيح أنا ( بريدو شديييد ) لكن مازي ما إنت فاكر يا هذا ..والله ؟!! طيييب ..سنري .. مع السلامة .
يا لها من فكرةِ رائعة ..هذا أحسن قرار يا بنيتي .. نحتفل بعربتك الجديدة بقريتنا مع الأهل..يا سلام ..يا سلااااأم ..وخصوصاً خالك التهامي .. سيسر كثيراً لرؤيتك تنجحين وتتقدمين في الحياة.
مرحبا عم حماد ..المدير يطلبك استاذه .. ألم يقل لك لماذا يطلبني ؟ .. لا .. لكنني لا حظت وجود فتاة أراها لأول مرة بالبنك .. يبدو أن الموضوع في غاية الأهمية .. حسناً سأذهب إليه لكن بعد توصيل أغراضي لمكتبي ..عفواً آنستي .. من الأفضل أن تذهبي علي الفور وسأقوم أنا بوضع حاجياتك في خزانة مكتبك .. لا بأس .. مرحباً سيادة المدير .. صباح الخير .. الأستاذة إشراقة عبد الناصر وتعمل سكرتيرة لمدير منظمة (آخرون ) الخيرية وهي منظمة أجنبية ..أهلاً بيك أنا (السريره ) رئيس قسم المراجعة الداخلية .. تشرفنا .. اسمك (أوريجنال ) خالص .. ومن ثمّ مدت يدها لمصافحة الضيفة العزيزة لكن الأخيرة صافحتها بعد تردد بيدها اليسري .. نعم استاذ كيف اساعد الآنسه .. الآنسة .. إشراقه عبدالناصر .. أجلسي أوًلا واستمعي جيداً لما سأقول .. ولكن قبل ذلك عودي لمكتبك وراجعي لي الحساب رقم 307 ورصيده لو سمحت .. سأفعل دقيقه من فضلكم .. وعادت بعد بضعة دقائق لتخبره بأن الحساب يعود للدكتور مازن الفكي هاشم ورصيده جيد .. ما المشكله إذن ؟ الأستاذة إشراقة لديها شيك بمبلغ ألف دولار .. حسناً .. الرصيد أكثر من سبعمائة ألف دولار .. لكن الدكتور مازن لا أدري إن كان يمزح أم يحاول اختلاق مشكلة مع المصرف في غياب والده .. حرر لها الشيك في باطن كفها بدعوي أنه نسي دفتر شيكاته بالمنزل .. ماذا ؟!! .. شيك في باطن كفها ..؟ هذا ليس معقول وليس مقبول أيضاً .. دعيني أنظر إلي يدك لوسمحت يا آنسه ..( ادفعوا للآنسة إشراقة عبد الناصر مبلغ ألف دولار لا غير ) والتوقيع مطابق ..حاولت السريرة مداراة الغضب الذي بان علي وجهها وقد فهمت رسالته .. فمن ناحية وجدت إشراقة جميلة وأنيقة ومفرطة في الرقة والعذوبة ومن جانب آخر يريد أن يتحداني كرئيس لقسم المراجعة الداخلية لأن توقيعي علي الأوراق حتمي و هام جدا .. صباح الخير جميعاً .. عبد القيوم أفندي والد السريرة يقتحم المكتب ثم وبعد أن قرأ التوتر علي وجوه الجميع تساءل ..ما الأمر حضرة المدير؟ .. نعم . نعم .. شيك مكتوب بباطن الكف ..عفواً يا ابنتي هل لي بكفك لحظة واحده .. أدفعوا ..ألخ.. الأمر واضح السيد المدير .. ولو سمحت لنا بدقيقة واحدة يا ابنتي ..إشراقه ..عاشت الأسامي ..استريحي للحظات بالاستقبال ريثما نستجلي الأمر ..وفيما كانت تغادر المكتب لم تسطع السريرة أن تمنع نفسها من تأملها بعمق من جديد ..أخي المدير .. مؤسسة الفكي هاشم تملك أربعين في المائة من اسهم البنك وستدخل معنا كشريك في المخطط الاسكاني الجديد .. أري أن نرسل في طلب كاميرا ومصور ونقوم بتصوير ما هو مكتوب بيد هذه البنت ونوقع علي الصورة لا سيما والكاميرا ستعطينا الصورة في بضع ثوان فقط .
وهكذا حلت المشكلة واستلمت الزائرة التي عصفت بكيان السيد المدير من شدة جمالها وتفجرها أنوثة وسحراً مبلغ الألف دولار نقداً ولم يفته بالطبع أخذ رقم هاتفها بحجة أن المصرف مستعد لكافة المعاملات لصالح منظمة ( آخرون ) ولها شخصياً إن كانت تود فتح حساب بالبنك .. بالطبع أرغب ..لذلك وددت لو يتم فتح الحساب الآن ويودع الشيك كرصيد وهذه بطاقتي الشخصية إن شئت ..ها ها ..هكذا العولمة التي نتمني ..آنسه ..سأرسل لك الأستاذ نادر لتكملة إجراءات فتح الحساب ..بالإذن ..
فقد تمنت لو أنه كان أمامها لتصفعه بقوة في وجه وتستقيل .عادت السريرة لمنزلهم وشعور طاغٍ بالحزن والإحباط يسيطر عليها ..لكن ..لعلك لا تعلم من أنا ومن أكون يا دكتور مازن الفكي هاشم .