أيّتها الكلمة التي غدت كلْمًا ينزف الآهات والأنّات من خناجر الدّهر، وويلات الزّمان، صابّا نزفه في مرزاب يدلف في بئر حزن، يُقفل عليه بقفل الحرص؛ كي يظلّ رهينة المشاعر... يفتحها المكلوم، كلّما عنَّ وجعُ الكَلْم على الخاطر؛ لينتشل الهموم دلاءً، ويستحمّ بمائها ترطيبا للجسد الذي تعمّد حزنا، وأقسم يمين الولاء لعبوديّة أقسى المشاعر...
كفى بكِ كلْمًا دائم التّذكير بجمرة الألم، وسعال الأمل، وحشرجة الفرح، وزفرة الأسى...
وحريّ بكِ أن تكوني كَلِمًا رقراقا كجدولٍ يبعث في النّفس السّرور، ويطهّرها من طمي الأحزان، وعَكر الشّجون... وبسمةً ترتسم على الشّفاه المتعطّشة لرذاذ الفرح، وندى الأمل ... وشدوَ طائر دعته أغصانُ الرّبيع نشوانَ بتخلّصه من صقيع وزمهرير الشّتاء.
أريدكِ فيضَ حنان ينعش عطش القلوب التي أقعدها الخريف طويلا بين أضلاع الجفاف والتّشقّق، منتظرة غيث السّماء...
وحقلَ فرح تُبذر فيه بذور الأمانيّ ، وتسقى بماء التّفاؤل لتُقطف شتلات سعادة ... وجبَّ كَرَم يجود بدلاء المحبّة على القلوب؛ لتفيض حبّا...