أحدث المشاركات
صفحة 1 من 6 123456 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 51

الموضوع: سَــــجِـيّـة

  1. #1
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي سَــــجِـيّـة


    تَمَايَلتْ بِدَلالٍ عِندَ حَافَّةِ المَركِبِ، تُغازِلُهَا عَينَاهُ بَيْنمَا تَكْشِفُ عَضَلَةُ فَكِّهِ المُتَقَلِّصَةِ إنزِعَاجًا مِن مُحَادِثَتِهِ عَلَى الطَّرَفِ الآخَرِ مِن خَطِّ الاتِّصَالِ الخَليَوِّي، اقتَرَبَت مِنهُ وَمَالَت بِرَأسِهَا عَلَى كَتِفِهِ تَتَأمل البَحْرَ أمَامَهُمَا يَمْخُرُ عُبَابَهُ مَركِبُهُمَا الجَمِيلِ وَهُو يَقُولُ مُتَبَرِّمًا يُنْهِي المُكَالَمَة:
    - أيُّ غَدَاءْ! جَاؤُونِي بِشَطِيرةٍ مَا زَالَتْ أَمَامِي مُنْذُ سَاعَتَيْنِ، لَم أَجِدْ فُرْصَةً لِتَنَاولِهَا بَعْد ... قُلتُ لَكِ مَشْغُولْ..مَشْغُول، أَأَترُكُ عَمَلِي لآتِيكِ؟
    وَبِذَاتِ الدَّلالِ وَضَعَتْ فِي فِيهِ قِطْعَةً مِن حَبَّةِ الدُّرَّاقِ التَقَطَهَا وَأَطرَافَ أَنَامِلِهَا مُدَاعِبًا، لِيَغرَقَا فِي مَوْجَةٍ مِن الضَّحِكِ، نَسِيَ مَعَهَا تَشَنُّجَهُ مِنْ مُكَالَمَةٍ انْتَهَت، وَغَابَا فِي جَلْسَةٍ هَانِئَةٍ عَلَى حَافَّةِ المَركِبِ تَتَغَنّى بِشَقِّهِ المَاءَ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَخَرِيرُهُ تَحتَهُ مُوسِيقَى تُرَافِقُ صَوْتَهُ يَرْسُمُ لَهَا جَنَّةً سَتَدخُلها بِزَوَاجِهِمَا.
    رَفَعَتْ بِتَنْهِيدَةٍ وَلْهَى رَأسَهَا المُلْقَاةِ عَلى ظَهْرِ المَقعَدِ عَائِدَةً لِلوَاقِعِ مِن ذِكرَيَاتٍ تَستَعِيدُهَا بِحَنِين، وَتَفَقَّدَتِ المَائِدَةَ أَمَامَهَا مَفْرُوشَةً بِمَا لَذّ، تَزِينُهُ بَاقَةُ وَرْدٍ وَشَمعَدَان أَهدَاهُ إلَيْهَا قَبلَ زَوَاجِهِمَا، تَحَسَّسَتهُ بِأصَابِعَ مُرْتَعِشَةٍ انحَدَرَت عَلَى تَعَارِيجِهِ نَحْوَ هَاتِفِهَا الخَليَوي، تَنَاوَلَتهُ تَتَأَمَّلُ صُورَتَهُ عَلَى الشَّاشَةِ الكَبِيرَةِ بِضَحكَتِهِ السَّاحِرَة،وتَتَذكُرُ يَومَ التَقَطَتْ لَهُ تِلكَ الصُّورَةَ عِندَمَا انفَجَرَ ضَاحِكًا لِشَكلِهَا فِي سُترَتِهِ الضَّخمَةِ الَّتِي خَلَعَهَا لِيَضَعَهَا عَلَى كَتِفَيهَا تُدفِئُهَا مِن نَسْمَةِ بَردٍ فِي رِحلَةٍ رَبِيعِيَّةٍ.
    "اشتَقْتُ لِضَحْكَتِكَ الغَالِيَةِ حَبِيبِي" فَكَّرَت بِشَوقٍ وَضَغَطَت الأَرقَامَ تَطلُبُهُ فَجَاءَ الصَّوتُ الحَبِيبُ مُغَرِّدًا
    - حَيَاتِي
    - تَأَخَّرتَ حَبِيبِي، أَعَدْتُ تَسخِينَ الطَّعَامِ مَرّتَين.
    - سَامِحِينِي يَا غَالِيَة ، مَشْغُولْ.
    - أَلَن تَأتِي لِتَنَاوِلِ الغَدَاءِ مَعِي؟
    - مَشغُولٌ أُقْسِمُ، لَا أَستَطِيعُ حَتّى تَنَاوُلَ شَطِيرَةٍ، سَامِحِينِي.
    مَسَحَت بِطَرَفِ إِصْبَعِهَا دَمْعَةً سَالَتْ عَلَى وَجْنَتِهَا بَينَمَا يَتَسَلَلُ لِأُذنِهَا عَبرَ سَمَّاعَةِ الهَاتِفِ صَوْتُ خَرِيرِ المَاءِ تَحتَ المَركِبِ.
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي سَــــجِـيّـة

    النص معدلا


    سَـــــجـيـّة

    تَمَايَلتْ بِدَلالٍ عِندَ حَافَّةِ المَركِبِ، تُغازِلُهَا عَينَاهُ بَيْنمَا تَكْشِفُ عَضَلَةُ فَكِّهِ المُتَقَلِّصَةِ إنزِعَاجًا مِن مُحَادِثَتِهِ عَلَى الطَّرَفِ الآخَرِ مِن خَطِّ الاتِّصَالِ الخَليَوِّي، اقتَرَبَت مِنهُ وَمَالَت بِرَأسِهَا عَلَى كَتِفِهِ تَتَأمل البَحْرَ أمَامَهُمَا يَمْخُرُ عُبَابَهُ مَركِبُهُمَا الجَمِيلِ وَهُو يَقُولُ مُتَبَرِّمًا يُنْهِي المُكَالَمَة:
    - أيُّ غَدَاءْ! جَاؤُونِي بِشَطِيرةٍ مَا زَالَتْ أَمَامِي مُنْذُ سَاعَتَيْنِ، لَم أَجِدْ فُرْصَةً لِتَنَاولِهَا بَعْد ... قُلتُ لَكِ مَشْغُولْ..مَشْغُول، أَأَترُكُ عَمَلِي لآتِيكِ؟
    وَبِذَاتِ الدَّلالِ وَضَعَتْ فِي فِيهِ قِطْعَةً مِن حَبَّةِ الدُّرَّاقِ التَقَطَهَا وَأَطرَافَ أَنَامِلِهَا مُدَاعِبًا، لِيَغرَقَا فِي مَوْجَةٍ مِن الضَّحِكِ، نَسِيَ مَعَهَا تَشَنُّجَهُ مِنْ مُكَالَمَةٍ انْتَهَت، وَغَابَا فِي جَلْسَةٍ هَانِئَةٍ عَلَى حَافَّةِ المَركِبِ تَتَغَنّى بِشَقِّهِ المَاءَ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَخَرِيرُهُ تَحتَهُ مُوسِيقَى تُرَافِقُ صَوْتَهُ يَرْسُمُ لَهَا جَنَّةً سَتَدخُلها بِزَوَاجِهِمَا.
    رَفَعَتْ بِتَنْهِيدَةٍ وَلْهَى رَأسَهَا المُلْقَى عَلى ظَهْرِ المَقعَدِ عَائِدَةً لِلوَاقِعِ مِن ذِكرَيَاتٍ تَستَعِيدُهَا بِحَنِين، وَتَفَقَّدَتِ المَائِدَةَ أَمَامَهَا مَفْرُوشَةً بِمَا لَذّ، تَزِينُهُ بَاقَةُ وَرْدٍ وَشَمعَدَان أَهدَاهُ إلَيْهَا قَبلَ زَوَاجِهِمَا، تَحَسَّسَتهُ بِأصَابِعَ مُرْتَعِشَةٍ انحَدَرَت عَلَى تَعَارِيجِهِ نَحْوَ هَاتِفِهَا الخَليَوي، تَنَاوَلَتهُ تَتَأَمَّلُ صُورَتَهُ عَلَى الشَّاشَةِ الكَبِيرَةِ بِضَحكَتِهِ السَّاحِرَة،وتَتَذكُرُ يَومَ التَقَطَتْ لَهُ تِلكَ الصُّورَةَ عِندَمَا انفَجَرَ ضَاحِكًا لِشَكلِهَا فِي سُترَتِهِ الضَّخمَةِ الَّتِي خَلَعَهَا لِيَضَعَهَا عَلَى كَتِفَيهَا تُدفِئُهَا مِن نَسْمَةِ بَردٍ فِي رِحلَةٍ رَبِيعِيَّةٍ.
    "اشتَقْتُ لِضَحْكَتِكَ الغَالِيَةِ حَبِيبِي" فَكَّرَت بِشَوقٍ وَضَغَطَت الأَرقَامَ تَطلُبُهُ فَجَاءَ الصَّوتُ الحَبِيبُ مُغَرِّدًا
    - حَيَاتِي
    - تَأَخَّرتَ حَبِيبِي، أَعَدْتُ تَسخِينَ الطَّعَامِ مَرّتَين.
    - سَامِحِينِي يَا غَالِيَة ، مَشْغُولْ.
    - أَلَن تَأتِي لِتَنَاوِلِ الغَدَاءِ مَعِي؟
    - مَشغُولٌ أُقْسِمُ، لَا أَستَطِيعُ حَتّى تَنَاوُلَ شَطِيرَةٍ، سَامِحِينِي.
    مَسَحَت بِطَرَفِ إِصْبَعِهَا دَمْعَةً سَالَتْ عَلَى وَجْنَتِهَا بَينَمَا يَتَسَلَلُ لِأُذنِهَا عَبرَ سَمَّاعَةِ الهَاتِفِ صَوْتُ خَرِيرِ المَاءِ تَحتَ المَركِبِ.

  3. #3
    الصورة الرمزية عبد المجيد برزاني أديب
    تاريخ التسجيل : Dec 2010
    الدولة : فاس المغرب
    المشاركات : 607
    المواضيع : 63
    الردود : 607
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي


    كباقي النصوص السردية للشاعرة ربيحة
    رائعة هذه القصة وشاعرية حد الألم .....
    ذكرتني بأغنية جميلة ( رسالة من امرأة ) من شعر قباني وغناء فايزة أحمد.
    تقول الأغنية :
    .....
    إني أراها
    تجلس بجوار الموقد
    أخذت هنالك مقعدي
    بالركن ذاك المقعد
    وأراك تمنحها يدا
    مسلوبة ً ذاتَ اليد
    ستردد القصص التي أسْمعْتني
    ولسوف تخبرها بما أخْبرْتني
    وسترفع الكأس التي جرّعْتني
    كأسا بها سمّمْتني
    حتى إذا عادت إليك
    نشوى ...
    بورك قلمك الراقي أختنا الشاعرة ربيحة.
    مودتي وكل التقدير.

  4. #4
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,788
    المواضيع : 392
    الردود : 23788
    المعدل اليومي : 4.12

    افتراضي

    طالما هي سجيته سيلتهم الشطيرة .. وتتوالى الشطائر !
    وللزوجة من المبررات سيجد وإن كانت على بينة من خيانته فهنا نجدها لم تمتلك سوى الدمع تزرفه
    ترتقي لذائقتي نصوصك سيدتي بألقها المعهود ولغتها السامقة ومتانة حبكتها
    قرأت واستمتعت وخرجت وبرفقتي الإعجاب
    دام ألقك
    وكل عام وأنت للرحمن أقرب
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    الصورة الرمزية صادق البدراني شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2012
    الدولة : بين القلوب النقيّة
    العمر : 49
    المشاركات : 628
    المواضيع : 16
    الردود : 628
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    تأخذيننا للمرة الألم ، نحو الوجع
    وتنثرين علينا نفحات مشاعر بريئة صاغتها انامل الانوثة
    قد لا يعلّق المارّ من هنا بشئ سوى حزن صمته
    فقد أبكمتِ الحروف وهذا الألق

    ربما لم يتسلل الى ذهني طريقٌ لوصفها رحلته على هذا النحو الماتع من شدة الحضور
    الا أن عزائي في قلة فهمي ربما ، انها تخيّلت ذات الرحلة معها في واقع مضى .
    فقد وصفت الزوجة حركاتهما من الدقة بمكان قد يخفى على الحاضرين
    سوى ان هالة ذكرى انارت لها حقيقة ماكانت عليه حينها قبل الف ألم .


    في حرم هذه الروعة في السرد والتجسيد والمفردات
    اقف عاجزا عن التعبير بصدق

    شكرا لبهاء حرفك الذي طالما انعشنا بالجمال



    همسة:
    الرأس ... كلمة مذكر على ما أظن ... فهو ملقى وليس ملقاة .


    مع كامل الود والاحترام

  6. #6
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.84

    افتراضي

    كعادتك أمّ ثائر وجباتك الإبداعيّة دائمة الدّسم
    كثيرون أمثال ذلك (العاشق) يتنقلون في مراكبهم من صيد إلى أخر غير آبهين لما يخلّفون!
    كنت قد كتبت جذوة أهديها تعليقا لرائعتك:

    ظلّ شهريار التّراث منتظرا حتّى تحقّقت أمنيّته في الظّفر بشهرزاده لتستقرّ عواطفه وتهدأ ثورته.

    أمّا (شهريار) هذا الزّمان، فكلّما حظي بشهرزاد تقلقلت عواطفه، وازدادت شهوته ليعيثَ حُبّا في قلوب (الشّهرزادات) .

    بورك الحرف بلغته وسمو فكرته وصاحبته عزيزتي الأخت ربيحة
    تقديري وتحيّتي

  7. #7
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jan 2006
    المشاركات : 6,061
    المواضيع : 182
    الردود : 6061
    المعدل اليومي : 0.91

    افتراضي

    مَشغُولٌ أُقْسِمُ، لَا أَستَطِيعُ حَتّى تَنَاوُلَ شَطِيرَةٍ، سَامِحِينِي.
    مَسَحَت بِطَرَفِ إِصْبَعِهَا دَمْعَةً سَالَتْ عَلَى وَجْنَتِهَا بَينَمَا يَتَسَلَلُ لِأُذنِهَا عَبرَ سَمَّاعَةِ الهَاتِفِ صَوْتُ خَرِيرِ المَاءِ تَحتَ المَركِبِ.



    السلام عليكم صديقتي العزيزة ربيحة
    قصة قصيرة في منتهى الجمال,, وروعة الحبكة ,,وسلامة اللغة
    وأزيد ,,,,حلاوة التشويق ,وسلاسة الأحداث
    يقول المثل العامي
    (من تحت إبطه مسلة تنخسه )ويقول المثل أيضا (من كان على رأسه بطحة يحسس عليها )
    هذة المرأة تعرف تماما ما يعني مشغول ,وليس لديه وقت لتناول الشطيرة ,وتحس أيضا صوت هدير الماء تحت المركب ,وما يعني ذلك
    وما عليها إلا ذرف الدموع الآن والحسرة ,كما ذرفتها يوما امرأة غيرها تجلس في البيت تنتطر زوجها على الغداء ,
    ولكني اتساءل من هذا الدونجوان الرائع الذي يبدل النساء كما يبدل ربطات عنقه ؟؟
    أشكرك ربيحة
    ماسة

  8. #8
    الصورة الرمزية وليد عارف الرشيد شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2011
    الدولة : سورية
    العمر : 60
    المشاركات : 6,280
    المواضيع : 88
    الردود : 6280
    المعدل اليومي : 1.39

    افتراضي

    نعم .. ألم تكن تلك النهاية الطبيعية المنتظرة أم أنها فعلًا كانت مقتنعة أنه فعلها وهي شاهدة وأنه لن يعيد الكرة؟
    قصة رائعة تفوق بها السرد الشائق واللغة الماتعة بأبهى حللها والقفلة المؤثرة
    أشكرك مبدعتنا الراقية على هذا الألق المتواصل
    مودتي وكثير تقديري كما يليق

  9. #9
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي النص معدلا


    سَـــــجـيـّة

    تَمَايَلتْ بِدَلالٍ عِندَ حَافَّةِ المَركِبِ، تُغازِلُهَا عَينَاهُ بَيْنمَا تَكْشِفُ عَضَلَةُ فَكِّهِ المُتَقَلِّصَةِ إنزِعَاجًا مِن مُحَادِثَتِهِ عَلَى الطَّرَفِ الآخَرِ مِن خَطِّ الاتِّصَالِ الخَليَوِّي، اقتَرَبَت مِنهُ وَمَالَت بِرَأسِهَا عَلَى كَتِفِهِ تَتَأمل البَحْرَ أمَامَهُمَا يَمْخُرُ عُبَابَهُ مَركِبُهُمَا الجَمِيلِ وَهُو يَقُولُ مُتَبَرِّمًا يُنْهِي المُكَالَمَة:
    - أيُّ غَدَاءْ! جَاؤُونِي بِشَطِيرةٍ مَا زَالَتْ أَمَامِي مُنْذُ سَاعَتَيْنِ، لَم أَجِدْ فُرْصَةً لِتَنَاولِهَا بَعْد ... قُلتُ لَكِ مَشْغُولْ..مَشْغُول، أَأَترُكُ عَمَلِي لآتِيكِ؟
    وَبِذَاتِ الدَّلالِ وَضَعَتْ فِي فِيهِ قِطْعَةً مِن حَبَّةِ الدُّرَّاقِ التَقَطَهَا وَأَطرَافَ أَنَامِلِهَا مُدَاعِبًا، لِيَغرَقَا فِي مَوْجَةٍ مِن الضَّحِكِ، نَسِيَ مَعَهَا تَشَنُّجَهُ مِنْ مُكَالَمَةٍ انْتَهَت، وَغَابَا فِي جَلْسَةٍ هَانِئَةٍ عَلَى حَافَّةِ المَركِبِ تَتَغَنّى بِشَقِّهِ المَاءَ ذَاتَ اليَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ وَخَرِيرُهُ تَحتَهُ مُوسِيقَى تُرَافِقُ صَوْتَهُ يَرْسُمُ لَهَا جَنَّةً سَتَدخُلها بِزَوَاجِهِمَا.
    رَفَعَتْ بِتَنْهِيدَةٍ وَلْهَى رَأسَهَا المُلْقَى عَلى ظَهْرِ المَقعَدِ عَائِدَةً لِلوَاقِعِ مِن ذِكرَيَاتٍ تَستَعِيدُهَا بِحَنِين، وَتَفَقَّدَتِ المَائِدَةَ أَمَامَهَا مَفْرُوشَةً بِمَا لَذّ، تَزِينُهُ بَاقَةُ وَرْدٍ وَشَمعَدَان أَهدَاهُ إلَيْهَا قَبلَ زَوَاجِهِمَا، تَحَسَّسَتهُ بِأصَابِعَ مُرْتَعِشَةٍ انحَدَرَت عَلَى تَعَارِيجِهِ نَحْوَ هَاتِفِهَا الخَليَوي، تَنَاوَلَتهُ تَتَأَمَّلُ صُورَتَهُ عَلَى الشَّاشَةِ الكَبِيرَةِ بِضَحكَتِهِ السَّاحِرَة،وتَتَذكُرُ يَومَ التَقَطَتْ لَهُ تِلكَ الصُّورَةَ عِندَمَا انفَجَرَ ضَاحِكًا لِشَكلِهَا فِي سُترَتِهِ الضَّخمَةِ الَّتِي خَلَعَهَا لِيَضَعَهَا عَلَى كَتِفَيهَا تُدفِئُهَا مِن نَسْمَةِ بَردٍ فِي رِحلَةٍ رَبِيعِيَّةٍ.
    "اشتَقْتُ لِضَحْكَتِكَ الغَالِيَةِ حَبِيبِي" فَكَّرَت بِشَوقٍ وَضَغَطَت الأَرقَامَ تَطلُبُهُ فَجَاءَ الصَّوتُ الحَبِيبُ مُغَرِّدًا
    - حَيَاتِي
    - تَأَخَّرتَ حَبِيبِي، أَعَدْتُ تَسخِينَ الطَّعَامِ مَرّتَين.
    - سَامِحِينِي يَا غَالِيَة ، مَشْغُولْ.
    - أَلَن تَأتِي لِتَنَاوِلِ الغَدَاءِ مَعِي؟
    - مَشغُولٌ أُقْسِمُ، لَا أَستَطِيعُ حَتّى تَنَاوُلَ شَطِيرَةٍ، سَامِحِينِي.
    مَسَحَت بِطَرَفِ إِصْبَعِهَا دَمْعَةً سَالَتْ عَلَى وَجْنَتِهَا بَينَمَا يَتَسَلَلُ لِأُذنِهَا عَبرَ سَمَّاعَةِ الهَاتِفِ صَوْتُ خَرِيرِ المَاءِ تَحتَ المَركِبِ.

  10. #10
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.70

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد المجيد برزاني مشاهدة المشاركة

    كباقي النصوص السردية للشاعرة ربيحة
    رائعة هذه القصة وشاعرية حد الألم .....
    ذكرتني بأغنية جميلة ( رسالة من امرأة ) من شعر قباني وغناء فايزة أحمد.
    تقول الأغنية :
    .....
    إني أراها
    تجلس بجوار الموقد
    أخذت هنالك مقعدي
    بالركن ذاك المقعد
    وأراك تمنحها يدا
    مسلوبة ً ذاتَ اليد
    ستردد القصص التي أسْمعْتني
    ولسوف تخبرها بما أخْبرْتني
    وسترفع الكأس التي جرّعْتني
    كأسا بها سمّمْتني
    حتى إذا عادت إليك
    نشوى ...
    بورك قلمك الراقي أختنا الشاعرة ربيحة.
    مودتي وكل التقدير.

    بورك الحضور العريق والتعليق المورق أديبنا الكبير
    هذه المزاوجة بين نصي المتواضع ورائعة نزار قباني أسعدتني
    لا حرمت سمو مرورك

    تحاياي

صفحة 1 من 6 123456 الأخيرةالأخيرة