أحدث المشاركات

قراءة فى مقال لغز زانا الأم الوحشية لأبخازيا» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» الشجرة ذات الرائحة الزكية» بقلم محمد نديم » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» همسة!» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» أجمع دعاء وأكمله.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» العفو يورث صاحبه العزة.» بقلم أسيل أحمد » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» مع الظلام» بقلم عبدالله سليمان الطليان » آخر مشاركة: عبدالله سليمان الطليان »»»»» المعية الإلهية فى القرآن» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» كتب محمد فتحي المقداد. الحارس. قصة قصيرة» بقلم محمد فتحي المقداد » آخر مشاركة: محمد فتحي المقداد »»»»» الطبعة الثانية من المنتج الجاهز لعلم عَروض قضاعة 1- 3 - 2024» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» عذْراً فلسطينُ ما عُدْتِ لنا الأّمَا» بقلم حسين إبراهيم الشافعي » آخر مشاركة: شاهر حيدر الحربي »»»»»

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: دعـاة التغيـيـر بـيـن المـبـدئـيـة والــواقعيـة

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    الدولة : أرض الاسلام
    العمر : 61
    المشاركات : 368
    المواضيع : 53
    الردود : 368
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي دعـاة التغيـيـر بـيـن المـبـدئـيـة والــواقعيـة

    من المعلوم أن الدعوة المبدئية - وهي حركة سياسية - إذا نشأت في مجتمع منحط، فإن مهمتها يجب أن تكون العمل على النهوض بهذا المجتمع. وبما أن المجتمع ينحط بانحطاط العرف العام السائد فيه والأنظمة المطبقة فيه، ويرتقي برقي العرف العام والأنظمة، فإن مهمة الدعوة المبدئية تكون حينئذ العمل على تغيير المجتمع عن طريق تغيير العرف العام والأنظمة، أي عن طريق مكافحة الأفكار والقناعات والمفاهيم والمشاعر السائدة والأنظمة القائمة - وهي مخالفة للمبدأ - من أجل أن تحل محلها أفكار وقناعات ومفاهيم ومشاعر وأنظمة راقية وصحيحة.
    وهذا يعني أن على الدعوة المبدئية أن تصطدم بالواقع الفاسد منذ أول يوم لأنها أتت بشيء جديد غريب عن الواقع الذي يعيشه الناس. فمن طبيعة المجتمعات أنها تتمسك بما عندها من أعراف وتقاليد وقناعات ولا تتخلى عنها بسهولة، بل يحتاج الأمر إلى سنين من العمل الدؤوب والكفاح المتواصل والصراع المرير والمصابرة الجلود من قِبَل الدعاة حتى يبدأ الناس بالتخلي عن قناعاتهم وأفكارهم وحتى تبدأ مشاعرهم تصاغ على هيئة جديدة. لذلك فإن الحركات السياسية التي تريد تغيير المجتمع والنهوض به عليها أن تتوقع منذ أول يوم مجابهة الناس لها، ووقوفهم في وجهها وخذلانها. فحملة الدعوة يتكلمون بما يخالف أمزجة الناس، ويخالفون عاداتهم وتقاليدهم، وهذا ما يعُدّه المجتمع تحدياً للعرف وخروجاً على التقاليد التي اكتسبت مع الوقت ما يشبه القداسة.
    وإذا راجعنا حوادث التاريخ، وجدنا أن كل دعوة جديدة كانت تجابه بالمحاربة والتعصب والجمود على القديم، وخاصة لدى الشعوب المنحطة. وأكثر ما تتجلى هذه الحقيقة في دعوات الرسل عليهم السلام. فلقد كانوا يبعثون غالباً إلى شعوب غارقة في ظلمات الانحطاط، فيدعونهم إلى اعتناق العقائد والأديان المبنية على العقل، أي يعملون على النهوض بهم فكرياً، فيواجهون بالاستهزاء والمحاربة والإيذاء والشتم. تأمل في قوله تعالى: { يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون }( )، وفي قوله تعالى: { كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر أو مجنون }( )، وانظر إلى هذه الآيات التي تعدد الشعوب والأقوام التي كذبت رسلها، فيقول تعالى: { كذبت قبلهم قوم نوح فكذبوا عبدنا وقالوا مجنون وازدُجِر * فدعا ربه أني مغلوب فانتصِر }( )، ويقول عز من قائل: { كذبت ثمود بالنُذُر * فقالوا أبشراً منا واحداً نتّبعه إنّا إذاً لفي ضلال وسعر * أءلقي الذكر عليه من بيننا بل هو كَذابٌ أَشِر * سيعلمون غداً مَن الكذابُ الأشِر }( ).
    من هنا نقول، إن التفاف المجتمع حول دعوة سياسية من أول يوم تقوم به لا يدل على نجاحها، بل قد يدل على أن هذه الدعوة فاشلة مخفقة. لماذا؟
    لأن من طبيعة الشعوب أن تلتف حول من يمثل أفكارها وقناعاتها وغاياتها، فعندما تلتف الشعوب المنحطة حول حركة سياسية ما من أول يوم، فهذا يعني أن هذه الحركة هي من جنس هذا المجتمع، وتحمل ما يحمل من أفكار وتصورات وقناعات، أي أنها منحطة شأنها شأن المجتمع.
    إذا كانت مهمة الحركات السياسية في المجتمع المنحط هي النهوض به، فمن البدهي أن يكون فكرها مغايراً للعرف العام، ومشاعرها مخالفة للمشاعر الطاغية، أي أنها تتمتع بفكر لا يتمتع به المجتمع، تستطيع به تغيير هذا المجتمع، وإلا فإن وجودها لا معنى له، بل ربما كان عدم وجودها أفضل، لأن الذي يريد أن يرتقي بالناس عليه هو أولاً أن يكون راقياً، ومن البداهة أن فاقد الشيء لا يعطيه. وهذا ما يمّيز الدعوات المبدئية التي تلتزم بالمبدأ عن الدعوات الواقعية وهي التي تساير الواقع.
    فالدعوات الواقعية هي الدعوات التي تشعر بفساد الواقع القائم الذي تعيشه الأمة، وتشعر بوجوب التغيير، ولكنها تنتقل من هذا الشعور فوراً إلى العمل، دون أن يسبق هذا العمل تفكير في حقيقة المشكلة التي يعاني منها المجتمع، ودون التفكير في الفكرة التي يراد النهوض بالمجتمع على أساسها، ولا في الطريقة التي ستسلكها من أجل الوصول إلى هدف محدد، فتقوم بأعمال مرتجلة عفوية غير مدروسة، وكثيراً ما تكون غير هادفة.
    فيكون عملها في حقيقة الأمر مستمداً من الواقع الفاسد الذي تعيشه، أي إنها جعلت الواقع - رغم فساده - مصدر المعالجة بدل أن يكون موضع المعالجة. مما يجعل عملها تَكيّفاً مع الواقع الفاسد وتكريساً للأسس التي يقوم عليها هذا المجتمع.
    وبذلك، تكون هذه الدعوات تعبيراً عما يسود المجتمع المنحط من أفكار وقناعات ومقاييس ومشاعر. وبما أن الشعوب تنقاد لمن يعبّر عن قناعاتها ومشاعرها وتوجهاتها، فإن الناس سوف تلتف حول هذه الدعوات منذ أول يوم. وبذلك تكون هذه الدعوات رجعية تساهم في تكريس الواقع الفاسد المتخلف الذي يعيشه المجتمع، وخاصة عندما تقوم بإضفاء ثوب الشرعية والعلم والفقه على الأفكار والقناعات الفاسدة، وإلصاق الأدلة الشرعية والشواهد الفقهية بها. إلا أن هذا المجتمع إذا قُدّر له أن ينهض بتأثير دعاة مبدئيين فإنه سرعان ما يتخلى عن تلك الدعوات التي لن تعود عند ذلك تمثل قناعاته وأهدافه.
    أما الدعوات المبدئية، فهي التي تحس بفساد الواقع وتخلف المجتمع، فتنتقل من هذا الإحساس إلى دراسة الواقع والتعمق فيه لمعرفة حقيقة المشكلة، لأن الذي يجهل المشكلة لا يتصور منه أن يحلها. فتدرس المجتمع دراسة عميقة بما فيه من أفكار وقناعات ومقاييس ومشاعر وأنظمة دراسة عميقة تؤدي إلى معرفة الصحيح من الفاسد العقيم، وإلى معرفة ما يفتقر إليه المجتمع من أفكار ومشاعر، وما دخله من أفكار ومشاعر غريبة فاسدة، وتؤدي إلى فهم واقع الأنظمة التي ترعى بها شؤون الناس، ثم بعد ذلك تنتقل إلى مبدئها - وهو بالنسبة لنا الإسلام - لتبحث من خلاله عن العلاج الصحيح للمشكلة، وهو يتمثل في مجموعة المفاهيم والأنظمة التي على أساسها سيتم تغيير المجتمع.
    والدعوة المبدئية حين تقوم بالبحث عن العلاج الذي به تريد تغيير المجتمع، لا تتأثر بالواقع الفاسد الذي يعيشه الناس. فالمعالجة يجب أن تكون بريئة كل البراءة من كل الأوضاع الفاسدة التي تلم بالمجتمع. ففي الوقت الذي تكون فيه الحركة الواقعية ملتصقة بالواقع الفاسد تستمد تصوراتها ومعالجاتها منه ولا تملك الخروج من تأثيره، تكون الحركة المبدئية قد حلّقت فوق الأجواء والأوضاع بما فيها من ظروف وملابسات، حلّقت فوق الواقع لتدركه على حقيقته على نحو أشمل وأدقّ، ولتستشرف النهضة المنشودة والغاية المرسومة التي تريد وضع الأمة على طريقها، ثم تعود بعد ذلك إلى المجتمع لتأخذ بيده في طرق الارتقاء والنهوض.
    وهكذا تبدأ الدعوة المبدئية بمواجهة المجتمع المتخلف بدعوتها، ويبدأ الصدام بين الفكر القديم البالي، والفكر الجديد الذي تحمله الدعوة المبدئية، وبين سياسة الأنظمة التي تحكم المجتمع من جهة والمعالجات التي يطرحها حَمَلَة الدعوة من جهة أخرى. الأمر الذي يجعل الحركة المبدئية تبدو لأول الأمر غريبة عن الواقع، ويُخيّل للناس وكأنها قد أتت من عالم آخر لا يمت إلى مجتمعهم بصلة. إلا أن هذا الواقع يكون في الحقيقة من البشائر التي تُطمئِن حملة الدعوة بأنهم على الطريق السوي، لأنهم يلاقون ما لاقاه حملة الدعوة دائماً عبر التاريخ حين واجهوا الشعوب المتخلفة المنحطة.
    إلا أن هذا الواقع الذي تعيشه الحركات المبدئية بادىء الأمر، لا يلبث أن يتغير ويتبدل. فالدعاة المبدئيون حين ينطلقون بدعوتهم، يعُدّون أنفسهم قد دخلوا إلى ساحة معركة فكرية يجب أن يخرجوا منها منتصرين. ساحة المعركة هي هذا المجتمع الغارق في ظلام التخلف والانحطاط، هذا الظلام الذي يستر الحقائق عن أعين الناس، فلا يُدركون زيف الباطل ولا صدق الحق، لا يستطيعون في هذا الظلام التمييز بين الصحيح والخطأ، أو بين الصالح والفاسد، أو بين الصدق والكذب. ولكن حملة الدعوة الذين يتمتعون بحدة البصر ويدركون الأمور على حقيقتها يبدأون بمصادمة الأفكار والقناعات والأنظمة البالية. فعندما يصطدم الفكر الصحيح بالفكر السقيم، والمفاهيم الراقية بالمفاهيم المنحطة، ينقدح من جراء هذا الاصطدام شرر يضيء الساحة فينكشف للناس عوار الباطل ويلمع صدق الحق { كذلك يضرب الله الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض }( ). وهكذا تتكرر المصادمات ويتكرر الشرر، إلى أن يوجد الوعي العام على المبدأ الذي حمله الدعاة، ويتحول هذا الوعي إلى رأي عام، ومن ثَمَّ إلى حركة إيجابية في المجتمع، فتحتضن الأمة دعوة المبدئيين وتحمل قضيتهم وتسير وراءهم وتلبي نداءاتهم وتدافع عنهم، حتى تصل معهم إلى إعادة بناء المجتمع الإسلامي واستئناف الحياة الإسلامية.
    وهذا ما حصل مع رسول الله r . فهو عندما بدأ بالجهر بالدعوة، ومعه الصحابة القلة، واجه مجابهة عنيفة من مجتمع مكة الجاهلي. وواجه الاستهزاء والإيذاء والحصار، ووصل الأمر إلى حد قتل بعض أتباعه. وعُدّ المسلمون جسماً غريباً عن المجتمع القائم. ولكن قوة الفكر الذي يحمله عليه الصلاة والسلام وشدة إيمانه به وصبره ومن معه على تحمل الأهوال من أجل نشره وإعلائه، كل ذلك أدى إلى إيجاد الرأي العام على الإسلام، وأصبحت الأجواء مواتية لإقامة الدولة الإسلامية في المدينة وتطبيق الإسلام عملياً.
    إلا أن حَمَلَة الدعوة لن يحققوا التغيير المنشود إذا اتبعوا الطرق الملتوية أو حاولوا مسايرة الواقع الفاسد، أو جربوا تملق الناس أو داهنوا حملة أفكار الكفر والضلال. فمن المتوقع - عندما ينطلق الدعاة ليخوضوا غمرات الدعوة إلى فكرتهم ويبدأون بالتفاعل مع المجتمع - أن يتعرضوا للإغراءات التي تدعوهم إلى مسايرة الأوضاع، أو مداهنة السوقة، أو كسب رضا الناس، كما قد تثنيهم المصاعب والأهوال عن الاستقامة على الطريق المرسوم، وتدفعهم إلى البحث عن وسائل وأساليب قد تؤدي بالدعوة إلى الانكفاء والتقهقر. وقد لفت القرآن الكريم النظر إلى هذه الحقيقة حين خاطب الرسول r قائلاً: { وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك لتفتري علينا غيره وإذاً لاتخذوك خليلاً * ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً * إذاً لأذقناك ضِعف الحياة وضِعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيراً }( ).
    فعلى الدعاة المبدئيين أن يكونوا على حذر تام من هذه الامتحانات التي يتعرضون لها، وعليهم دائماً أن يدركوا أن طبيعة الاحتكاك بين الإسلام والكفر هي التصادم الكلي، التصادم الذي يعلي الحق ويزهق الباطل { وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً }( )، التصادم الذي يؤدي إلى الهزيمة الشنعاء للكفر وأهله { بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون }( ). فالفرق بين الإسلام والكفر هو الفرق بين الحق والباطل، وبين النور والظلام، وبين الهدى والضلال، وبين الخير والشر، وبين الجنة والنار، فلا مجال للتلاقي، ولا مجال للمساومة، ولا مجال للمفاوضة.
    فها هو رسول الله r منذ أول يوم بدأ فيه بنشر دعوته نراه يخاطب الناس بحزم وثقة، ويواجه الكفر والكفار بقوة وجرأة وصرامة تامة، ويطرح دعوته متحدية سافرة واضحة المعالم، محددة الألفاظ والمعاني،لا تبقي أي مجال للّبس أو الشك، وليس للتردد فيها أثر ولا للخوف فيها تأثير. فبدأ القرآن ينزل مسفهاً أحلام الكفار، يعيب عليهم آلهتهم ويشين طريقة عيشهم البالية، ويستهزىء بأعرافهم وتقاليدهم. فهو حين يتناول الأصنام نراه يقول: { إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون }( )، ويقول: { أفرأيتم الّلات والعزّى * ومناة الثالثة الأخرى * ألكم الذكر وله الأنثى * تلك إذاً قسمة ضيزى * إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان * إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى }( )، وحين يتناول تقليدهم الأعمى لآبائهم وتقديسهم لما ورثوه عنهم تراه يقول: { وإذا قيل لهم اتّبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئاً ولا يهتدون }( )، وحين يتناول الحكام الطغاة بالذم والنقد نراه يقول: { تبت يدا أبي لهب وتبّ * ما أغنى عنه ماله وما كسب * سيصلى ناراً ذات لهب }( )، ويفضح الوليد بن المغيرة ويتوعده بالعقاب حين يقول: { ولا تطع كل حلاف مهين * هماز مشّاء بنميم * مّناع للخير معتد أثيم * عتلّ بعد ذلك زنيم * أن كان ذا مال وبنين * إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين * سنسمه على الخرطوم }( )، وحين يتناول العلاقات الفاسدة نراه يتكلم عن تطفيف الكيل مثلاً فيقول: { ويل للمطففين * الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون * وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون * ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون * ليوم عظيم }( ). وحين حاول الكفار مساومة رسول الله r، فعرضوا عليه أن يعبد آلهتهم سنة على أن يعبدوا إلهه سنة، جاء الرد من الوحي حازماً { قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دينِ }( )، فقررت هذه الآيات المفاصلة الكاملة بين الإسلام وبين الكفر بكل أنواعه، فليس بعد الحق إلا الضلال. وحين عرضوا العروض على نبي الله عليه الصلاة والسلام من أجل أن يتخلى عن دعوته جاء الرد منه حاسماً:" والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته"( ).
    وهذا هو منهج الأنبياء أولي العزم من قبل. أنظر إلى قوله تعالى: { قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً حتى تؤمنوا بالله وحده }( )، ففي هذه الآية الكريمة يظهر بوضوح الموقف الصارم الذي يتخذه المؤمنون بالعقيدة الصحيحة إزاء كل ما يخالف قناعاتهم ومفاهيمهم التي قطعوا بصحتها ووقفوا حياتهم لأجلها. فقد أعلن سيدنا إبراهيم عليه السلام والذين معه البراءة التامة من كل عقائد قومهم ومفاهيمهم وعاداتهم وتقاليدهم، وأعلنوها حرباً ضروساً بين الحق والباطل، إلى أن ينتصر الحق ويزهق الباطل.
    إذا سلك الدعاة هذا الطريق وباعوا أنفسهم لله، ومن أجل إعلاء كلمته وتنفيذ شريعته، ولم يحيدوا عن الطريقة الشرعية التي رسمها لهم الله تعالى القائل في كتابه العزيز: { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين }( )، إذا قام الدعاة بكل ذلك فإن الله سبحانه لاشك سيحقق لهم وعده وسينجز نصره، وهو القائل سبحانه: { إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم }( ).

  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Nov 2004
    المشاركات : 180
    المواضيع : 9
    الردود : 180
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    مقال فعلا قوي .. وارجو أن تسامحني أن قلت أنه ذكرني بسيد قطب .. وأنا من أشد المعجبين بقدرة سيد قطب علي عرض أفكاره .. رغم اختلافي مع بعضها وليس كلها فكريا ,, ونفس الشيء أراه يتكرر معك يا اخي محمد حافظ .. أرجو أن تقبل تهنئتي علي اسلوبك في عرض الفكرة واتفاقي مع الكثير مما جاء في موضوعك .. ألا في شيء واحد .. وهو الفرق بين ما هو ألهي وما هو بشري .. الدين وخاصة الاسلام .. وهو بالطبع كان دعوة مبدئية للتغيير واصطدم مع أفكار كان يجب أن يصطدم معها ويهزمها .. أما دعوات الاصلاح والتغيير في عصرنا .. فكلها دعوات انسانية بشرية .. أن أرادت النجاح فلابد ان تنطلق من الواقع ..
    موضوعك فيه الكثير من الجوانب الايجابية وكثير من النقاط التي تستحق النقاش .. اتمني ان يسعفني الوقت الي الرجوع اليها ..
    و أتمني أن تتقبل تقديري وأعجابي ..

  3. #3
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : (بيتنا بطحاء مكه)
    المشاركات : 1,808
    المواضيع : 128
    الردود : 1808
    المعدل اليومي : 0.23

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله


    الأخ الفاضل محمد

    بارك الله فيك واحمد الله كثيرابجهودك الدائمه لتصدى هذا الغزو الداخلى والخارجى على مبادء الإسلام الغراء السمحه.

    استوقفنى قولك

    ""هنا نقول، إن التفاف المجتمع حول دعوة سياسية من أول يوم تقوم به لا يدل على نجاحها، بل قد يدل على أن هذه الدعوة فاشلة مخفقة. لماذا؟
    لأن من طبيعة الشعوب أن تلتف حول من يمثل أفكارها وقناعاتها وغاياتها، فعندما تلتف الشعوب المنحطة حول حركة سياسية ما من أول يوم، فهذا يعني أن هذه الحركة هي من جنس هذا المجتمع، وتحمل ما يحمل من أفكار وتصورات وقناعات، أي أنها منحطة شأنها شأن المجتمع."""


    صدقت اخى الكرم

    وبحكم عيشتى الطويلة فى الغرب ..
    التف الغرب وأمريكا خاصة مبدا الحرية ورفعت له تمثال الحرية تحت تصفيق الشعوب الضاله والتى لا تعلم اين يذهب بهم زيف الحرية " الذى اريد به باظل"

    فى الوقت الحاضر استيقظ الغرب بمشاكل الحرية المزعومه والتى هدمت الكيان الانسانى فى امريكا خاصة--حيث اصبح المجتمع الغربي ضحية " الحرية"

    والنهض الادبية المتصاعدة ضد الحرية الوثنية خير شاهد مثلا " THE AMERICAN DREAM"
    وهناك العديد من المثقفون الغربين الذين ثاروا ضذ العلمانية محاولة منهم لسترجاع مذاهب الكنائس وتدين.. ومنهم من قال أن الصور البشعه التى تسير اليها امريكا والمجتمع الغربي صور يرفضها الحيوان ليس العاقل فقط!

    وهناك مقال سجلت بعضه فى دفترى يقول فى الاديب الامريكى

    " again I understand America's moral melt down will never be reversed. way? we dont have the political power to drive down the gambling"

    " once God has been chased out of the country, those who belive in Him are next to go"


    محمد حافظ رعاك الله ودمت محافظ للدين ومنبرا للحق

    اختك
    نعيمهنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4

المواضيع المتشابهه

  1. بَـيْـنَ قـلـبــي وبَـيـنـي
    بواسطة محمد إسماعيل سلامه في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 25-12-2012, 07:04 AM
  2. بـيـن جـحـيـمـيـن ...
    بواسطة راضي الضميري في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 13-04-2010, 05:12 PM
  3. بـيـن الـمـطـرقـة والـسـنـدان ...
    بواسطة عمرو عبدالرؤوف في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 01-10-2006, 10:14 PM