أحدث المشاركات
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 23

الموضوع: فوق السحاب

  1. #1
    الصورة الرمزية هَنا نور أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 478
    المواضيع : 94
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي فوق السحاب



    فوق السحاب
    مشهد من رواية: " حكايات أُمّي "
    ( قيد الكتابة )


    فوق السحاب

    وقفتُ أجهّزُ حقيبتي بتوترٍ شديد.. رفضُ أبي، وترددُ أمي، وامتعاضُ حماتي، ونظراتُ استجداءٍ في عيون أحمد وفارس، كلّ ذلك لم يثنني عن قرار السفر بعد أن ترك لي كريم حرية اتخاذ القرار..

    اتصل بي يوسف وعرض عليّ أن يمر بسيارته ليصحبني إلى المطار، لكنني اعتذرت له على أملٍ أن يرق لي قلب أبي لكن دون جدوى.. جاء صوتُ خالد من الخارج متحمساً :
    " هيا نُهى، التاكسي ينتظر عند باب العمارة.."
    وحمل الحقيبة الخفيفة بنفس الحماس وسبقني إلى التاكسي.. قبلتُ يد أبي وحاولت استرضاءه وهو معرضٌ بوجهه عني.. استقبلني حضن أمي ومسحت دموعي بيديها قائلة : لا عليكِ، هو راضٍ عنك ويثقُ بكِ..
    قبلتني وأسلمتني لذراعي هبة والتي وشوشتني ألا أنسى ما طلبته مني ..
    وجاءت اللحظة التي قهرتني وجعلتني أفكر في أن أتراجع عن قراري.. أخذتهما بين ذراعيّ مع مقاومةٍ شديدة من جانب أحمد ..
    - " ستسافرين من دوننا؟ "
    - " خمسُ أيامٍ فقط .. وأعود إليكما بإذن الله.. هيا قولا لي ماذا تريدان أن أحضر لكما معي؟ "
    تركني أحمد قائلاً بعزةٍ وكبرياء : لا شئ ..
    بينما بقي فارس ممسكاً بيدي ، يعُد على أصابع كفي ما يريدني أن أشتري له.. وبعينين ملؤهما البراءه نظر لي وهو يمسك بالأصبع الخامس قائلاً :" ثم عودي إلينا بسرعة .. "

    استعجلني خالد .. خرجت مسرعة فوجدتُ أمَّ كريم عند باب شقتها.. سلمتُ عليها وقبلت يديها وطلبت منها الدعاء .. دعت لي بالسلامة بصوتٍ يخنقه دخان الغيرة الذي ينمُّ على نيران ظنونٍ تلهبُ قلبها.. أشفقتُ عليها لكني لم أتراجع.

    في الطريق إلى المطار، لم يصمت خالد للحظة .. كان يهنئني على ما حققته من نجاح، ويغبطني على الجائزة التي سأتسلمها في أكبر مهرجان في أوروبا لسينما الطفل والرسوم المتحركة. كان يتمنى أن يكون معي .." تباً للامتحانات لولاها لكنت مسافراً معك الآن، ولاصطحبتك إلى أجمل الأماكن في باريس فأنا أعرف أنكِ ستتورعين أن تخرجي مع الأستاذ يوسف.. ولكن حاولي ألا يفوتك زيارة اللوڤر، فلا يمكن لفنانة مثلك أن تكون في باريس ولا تزور هذا المتحف.. في الواقع باريس كلها متحفٌ للجمال ، حاولي أن تخرجي وتملئي ذاكرتك بجمال باريس .." خالد لا ينسى باريس أبداً منذ أن زارها في رحلةٍ نظمتها الجامعة في الصيف قبل الماضي ..

    وصلنا إلى المطار فوجدنا يوسف في انتظارنا ، لم يدخل بعد.. صافحه شقيقي بحرارة وأوصاه علَيّ ثم ودعني .. ودخلتُ بصحبة يوسف لاستكمال إجراءات المغادرة.

    تذكرتُني منذ عشرِ سنوات، في نفس هذا المكان حيث كنتُ أسير في خجلٍ شديد ... وحدي، بفستان زفافي لا أحملُ سوى حقيبة يدي بها جوازُ سفري إلى المجهول .. وتدور برأسي آلافُ الأفكار و تنهزم أمام مخاوفي فرحةٌ طالما انتظرتْها كلُ فتاة ..

    ها أنا اليوم أسيرُ بخطىً واثقة بجانبِ رجلٍ أعطاني كل ما كنت أحلم به وزيادة.. وفي قلبي فرحةٌ لا أستطيعُ وصفها.. أحملُ في حقيبة يدي جواز سفري للأماكن وجواز سفرٍ آخر لعالم أحلامي.

    الطائرة تستعدُ للاقلاع .. يوسف يجلس بجانبي.. لأولِ مرة لا تفصل بيننا سوى بضعة سنتيمترات.. أشعرُ به ينظرُ إليّ ولا أجرؤ على رفع عينيّ تجاهه.. أشعر بالسعادة في صوته .. تُري هل هو سعيد للجائزة التي تنتظره كأفضل كاتبِ لسيناريو فيلم للأطفال لهذا العام؟ ههه هو معتادٌ على مثل هذه الجائزة .. أعتقدُ أن سعادته لسببٍ آخر يعرفه كلانا ولا يجرؤ على الإفصاحِ عنه

    ها هي الطائرة تحلقُ بنا في الفضاء .. حاملة أحلامي إلى سماواتٍ عالية لم يخطر ببالي يوماً أنني سأبلغها..

    تحدثنا عن الفيلم الذي كتبه هو وصممتُ أنا رسومَه .. واستذكرنا الجهد المضني الذي بذلناه مع فريق عمل الفيلم على مدارِ عامٍ كامل كي يخرج عملاً إبداعياً ينافسُ أفلاماً عالميه..

    كنتُ أشرد منه كثيراً أثناء الحوار، تأخذني تساؤلاتي الأبدية .. لماذا جمعتنا الأقدارُ الآن؟ ولماذا نجحنا معاً هكذا؟ ولماذا أتعلقُ أنا بالأمل المستحيل .. بيني وبينك حواجزٌ لا تطولها قامتي .. أولها عندي وهو أنني ملكُ رجلٍ آخر وطفلين، وهذا هو ما لا تعرفه عنِّي .. وآخرها عندك وهو أنكَ على دينٍ آخر، وهو ما عرفتُه عنك مؤخراً .






  2. #2
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,788
    المواضيع : 392
    الردود : 23788
    المعدل اليومي : 4.12

    افتراضي

    كان لرفض الأب في بداية الأمر مبرر قوي لم يفصح عنه النص إلا في نهايته .. ولقول الأم " لا عليكِ، هو راضٍ عنك ويثقُ بكِ " يدل على أن هناك شيء ما استدعى تلك الجملة
    صراع داخلي شديد بين الواقع الذي تعيشه البطلة وبين أحلام حملتها فوق السحاب قد نُسجت من خيوط المستحيل
    كانت نهاية صادمة مباغتة ليس لأن البطلة تعيش حالة هروب من واقع فُرِض عليها وحسب .. ولكن لأن من تفر إليه أحلامها على دين آخر
    أبدعت هنا في نسجها
    بوركت واليراع
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,176
    المواضيع : 318
    الردود : 21176
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    بسرد رائع ومهارة قصية عالية نقلتنا فوق السحاب مع ذلك
    المشهد الذي رسمته بنجاح لنتعرف على صراع البطلة وما تريد
    والواقع حولها بشخوصه وما يريدون ـ ولكنها لا تستشعر غير الفرحة ..
    فرحة بتحقيق النجاح والحصول على الجائزة , وفرحة بقرب من تحب
    حتى وإن كانت بينهما حواجز كبار .. هى بزوجها وطفليها , وآخر
    بإختلاف الديانة..
    يبدو إننا أمام رواية رائعة وعمل راقي
    سننتظره ونتابعه معك بكل اهتمام.
    تحياتي وودي.

  4. #4
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.84

    افتراضي

    سرد جميل وجاذب ومباغتة رائعة في النّهاية
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

  5. #5

  6. #6
    الصورة الرمزية مصطفى حمزة شاعر
    تاريخ التسجيل : Apr 2012
    الدولة : سوريا - الإمارات
    المشاركات : 4,424
    المواضيع : 168
    الردود : 4424
    المعدل اليومي : 1.00

    افتراضي

    أختي العزيزة ، الأديبة القديرة هنا
    أسعد الله أوقاتك
    هو ليس مشهداً في رواية ، بل قصّة قصيرة ناضجة ، وأي نضج !
    السرد السلس والوصف الدقيق واللغة اللماحة ،كل ذلك رسم ملامح الشخصيات وأحياها بيننا
    ودفع بالأحداث بإثارة حتى الطائرة حيثُ وبكلمات قليلة ومضت قصة أخرى .. حب قديم دفين بين قلبين قام بينهما
    ما يُشبه المستحيل !!
    من أروع ما خطّ قلم أديب مبدع
    تحياتي وتقديري دائماً
    - خمس أيام = خمسة أيام
    - أوصاه علي = أوصاه بي
    اللهمّ لا تُحكّمْ بنا مَنْ لا يخافُكَ ولا يرحمُنا

  7. #7
    الصورة الرمزية مازن لبابيدي شاعر
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : أبو ظبي
    العمر : 64
    المشاركات : 8,888
    المواضيع : 157
    الردود : 8888
    المعدل اليومي : 1.51

    افتراضي

    الأديبة المبدعة هنا نور
    قصة رائعة السرد والحبكة والخاتمة وقبل ذلك في العنوان .
    لقد ذكرت أنها مشهد من رواية ! ولكني لا أملك إلا أن أتعامل معها كقصة قصيرة منفردة متكاملة العناصر ،
    وكقصة قصيرة أراها ابتعدت قليلا عن التكثيف المطلوب ، كما استعملت عددا كبيرا من أسماء الأشخاص وهذا يسرق انتباه القارئ عن التركيز على محور القصة وحبكتها سعيا لكشف ألغاز بعض
    الأسماء ، وإن كنت موفقة في كشف بعضها في الوقت المناسب خدمة لهذا المحور إلا أن البعض لم يكن له ضرورة ، وأذكرك بأننا لا نعرف من الرواية إلا هذا الجزء .

    إجمالا أختي الأديبة هنا ، أبدي إعجابي الشديد بفنك المتميز ، وتوقي لقراءة الرواية حال اكتمالها .

    تقديري وتحيتي
    يا شام إني والأقدار مبرمة /// ما لي سواك قبيل الموت منقلب

  8. #8
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : May 2012
    المشاركات : 4,790
    المواضيع : 82
    الردود : 4790
    المعدل اليومي : 1.10

    افتراضي

    احرف رشيقة وقصة جميلة قدمتها إلينا على بساط السحاب فأمطرتنا بالجمال وحلقت طيور إعجابنا حولها
    تقديري

  9. #9
    الصورة الرمزية هَنا نور أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 478
    المواضيع : 94
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة آمال المصري مشاهدة المشاركة
    كان لرفض الأب في بداية الأمر مبرر قوي لم يفصح عنه النص إلا في نهايته .. ولقول الأم " لا عليكِ، هو راضٍ عنك ويثقُ بكِ " يدل على أن هناك شيء ما استدعى تلك الجملة
    صراع داخلي شديد بين الواقع الذي تعيشه البطلة وبين أحلام حملتها فوق السحاب قد نُسجت من خيوط المستحيل
    كانت نهاية صادمة مباغتة ليس لأن البطلة تعيش حالة هروب من واقع فُرِض عليها وحسب .. ولكن لأن من تفر إليه أحلامها على دين آخر
    أبدعت هنا في نسجها
    بوركت واليراع
    تحاياي


    الرائعةُ المبدعة الأستاذة آمال المصري

    كما كنتِ أستاذتي أول من استقبلني هنا بالود والترحاب، ها أنتِ تقصين شريط أول مشروع روائي لي، وبنفس الود والترحاب الذي تعودناه منكِ أيتها الراقية .. فشكراً لكِ وجزاكِ ربي كل الخير.

    وأدعو الله أن يتم هذا المشروع على خير، وأن تجدوا فيه ما يسُّر خاطركم ويُرضي ذائقتكم .

    خالص امتناني وتقديري.


  10. #10
    الصورة الرمزية هَنا نور أديبة
    تاريخ التسجيل : Apr 2013
    المشاركات : 478
    المواضيع : 94
    الردود : 478
    المعدل اليومي : 0.12

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نادية محمد الجابى مشاهدة المشاركة
    بسرد رائع ومهارة قصية عالية نقلتنا فوق السحاب مع ذلك
    المشهد الذي رسمته بنجاح لنتعرف على صراع البطلة وما تريد
    والواقع حولها بشخوصه وما يريدون ـ ولكنها لا تستشعر غير الفرحة ..
    فرحة بتحقيق النجاح والحصول على الجائزة , وفرحة بقرب من تحب
    حتى وإن كانت بينهما حواجز كبار .. هى بزوجها وطفليها , وآخر
    بإختلاف الديانة..
    يبدو إننا أمام رواية رائعة وعمل راقي
    سننتظره ونتابعه معك بكل اهتمام.
    تحياتي وودي.


    أديبتنا المبدعة الراقية الأستاذة نادية الجابي

    أعترف لكِ أن قصةً من إبداعك قرأتُها مؤخراً قد أخرجت مشروع هذه الرواية من الدرج وقد كنت قررتُ أن أتركَ هذا الفنُ لأهله..

    قصة " قرار " والتي كان فيها القرارُ سهلاً وسريعاً وبسيطاً وناجحاً ، ذكرتني بالقرار الصعب ، المؤجل، المعقد ، الواجب اتخاذه..

    أرجو أن تأتي روايتي على نفس المستوي الفكري الراقي لقصتك، وأطمعُ أن ترقى لذاتِ المستوى الأدبي الرفيع.

    أسعدني حضوركم الراقي.
    خالص مودتي وتقديري .




صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. حب من فوق السحاب..
    بواسطة أحمد بلقمري في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 29-12-2021, 12:44 PM
  2. مَوْعُدٌ مَعَ السَّحابْ
    بواسطة عبدالملك الخديدي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 32
    آخر مشاركة: 28-10-2014, 10:27 AM
  3. فوق السحاب
    بواسطة محمد المختار زادني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 30-07-2008, 03:32 PM
  4. من أجلك ..أجريت النهر متدفقا وسقت السحاب الى قلبك
    بواسطة الصباح الخالدي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 38
    آخر مشاركة: 28-12-2007, 02:05 AM
  5. لقاء السحاب
    بواسطة مصطفى سلام في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 23-11-2006, 02:07 PM