الأخوة الأحبة:
لقد خيرتكم في منهج الحوار تأصيلاً لمرجعيته وليس ذلك إلا تودداً وحرصاً على أن نتحاور بقلوب مفتوحة وعقول متفتحة ومرجعية توافقنا عليها. لم يكن هذا كما ذكر أخي الرافدي (لقد كف النص الديني منذ امد بعيد على ان يكون ديناميا فاعلا ايجابيا في حياة الشعوب) فما زال الدين عندي هو أقوى وأصدق المناهج التي يمكن أن تقاس عليها أحكام وتصرفات البشر وما كان مثل حكم الله حكماً ولا عدالته عدالة. وعليه فإنني أتحفظ على مداخلة أخي الرافدي الأخيرة التي تستقرء الأمور بشكل خاطئ وغير منصف وأرجو أن نترك الحديث عن تلك المرجعية التي أردتها فأردتم غيرها فأتيتكم بما أردتم لا موافقة ولكن توافقاً.
والآن لنبدأ في تفنيد كل ما ورد في البيان المذكور بما أردتم من مرجعية وباستخدام النص شئنا أم أبينا هو وسيلة الحوار ورسول الفكر. لنبدأ بتفنيد العنوان:
ويظهر لنا هنا جلياً أمران.المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرافدي
أولهما أن البيان أممي والنسب هنا للأمم أي أنه صادر عن الأمم فهل هو حقاً كذلك؟؟ هل الأمة بل لنقل "الأمم" إمعاناً في تضخيم الأمر كما أرادوا هي بالفعل من صاغ هذا البيان؟؟ هل الأمة توافق على نص هذا البيان؟
إن أبسط حقوق الفرد وفق "الديمقراطية" الغربية أن يقرر المرء مصيره وأن يملك حرية الرأي والقرار وأن يصوت على اختيار من يمثله ويحكمه. هل فوضت الأمة من صاغ البيان ومن وقع عليه؟؟ هل أجري استفتاء "أممي" بنعم أو لا وفق المعايير الغربية والقانون الدولي؟؟
لقد صاغ البيان ثلاثة ووقع عليه بضع عشرات. الأمة العربية بالملايين والأمة الإسلامية تفوق المليار والآمة البشرية عدة من المليارات. هل ابتسر هؤلاء الثلاثة وأولئك العشرات "الأمم" في أنفسهم فقط أو نصبوا أنفسهم أوصياء على الأمة؟؟
وأما الأمر الثاني فهو أن هذا الذي كتبوه كان "ضد الإرهاب" فما هو الإرهاب حسب مفهومهم.؟؟ ومن له الحق في تعريف الإرهاب؟؟ أمريكا كونها الأقوى سلاحاً فتاكاً؟؟ أليست هي أم الإرهاب بشهادة الجميع هنا والكثير من المنصفين في الغرب حتى في أمريكا نفسها؟؟ ماذا يسمى ما يحدث في العالم من قتل للمدنيين والأبرياء في حروب سببتها أمريكا مما نراه يومياً على شاشات التلفاز؟؟ ماذا يسمى قتل الأطفال والنساء بيد أمريكية في العراق وبسلاح أمريكي في فلسطين؟؟ هل امتلاك أمريكا خاصة ودول الغرب عامة أسلحة نووية وجرثومية وكيماوية وأسلحة الدمار الشامل والأسلحة المحرمة دولياً ليس إرهاباً في حين أن امتلاك بعض البنادق والسكاكين والحجارة في دولنا إرهاباً؟؟
ثم إذا كان القانون الدولي قد أعطى المرء حق الدفاع عن النفس وحق المقاومة المشروعة فكيف يستكثرها هؤلاء في هذا البيان ويعتبرون ذلك إرهاباً؟؟ وإذا كانت أمريكا تؤمن بالحرب الاستباقية ومبدأ المبادرة في الهجوم وتجوب أساطيلها البحور تبحث عن صيد جديد لأنيابها التي عشقت سفك الدماء ولمكان جديد لتفريغ مخازن أسلحتها المكدسة وحقل تجارب للجديد منها فلماذا يعتبر هذا الأمر من غير الغرب إرهاباً؟؟
القضية إذن هنا يجب أن تحدد بموضوعية ودقة فليس بحق لهؤلاء تحديد معنى للإرهاب ولا توصيفاً له. إذا كان العالم كله رغم عدم نزاهة مواقفه في ظل المعطيات الدولية لم يستطع أن يحدد تعريفاً واضحاً للإرهاب فكيف يتمكن هؤلاء النفر؟؟
إن الخطأ والخلل وعدم المصداقية يكتنف هذا الخطاب منذ أول كلمة فيه فلا هو بيان ولا هو أممي ولا هو يحدد أو يصف معالم ومعاني الإرهاب وليسوا هؤلاء أوصياء ولا هم ممثلين للأمة وإنما هم أدعياء وكان الأجدر بهم أن يتحدثوا عن أنفسهم بما في دفائنها مما لا تقبل الأمة لا به ولا بهم.
الخطاب هنا يوجه إلى أعضاء مجلس الأمن الدولي وأمينه العام وإن كنت أتحفظ على أسلوب الخطاب فلا سيادة لهم علينا إذ أننا لسنا من انتخبهم ولا شرف لنا أن نوكلهم بحل قضايانا. أقول لئن كان لي بعض التحفظ على أسلوب الخطاب فإنني أرفض مضمونه واتجاهه جملة وتفصيلاً. إن الأمم المتحدة ومجلس الأمة من الناحية القانونية هي مؤسسة غير منصفة وغير شرعية ولعل في تمثيل الدول وحق الفيتو أكبر دليل على عدم شرعيتها كمرجع قضائي قانوني وغير ذلك كثير مما لا يتسع المجال هنا للخوض فيه. ثم إن الأمم المتحدة ومجلس الأمن بالنسبة لي كفلسطيني عدو أضاع أرضي مالي وعرضي وأحملها كذلك ما نتج عن قرارها منح أرض فلسطين لغير أهلها لتكون لهم دولة بما يتعارض مع جميع بنود قانونها الدولي وحقوق الإنسان والمعاهدات والمواثيق الدولية ذات الصلة. كيف أسعى إلى عدوي وأشكو إليه أخي وإن جار؟؟المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرافدي
ثم أين هي الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وكل القوانين الدولية مما يحدث في فلسطين منذ عشرات السنين ومما يحدث في العراق منذ سنين ومما يحدث في كشمير والصومال والشيشان ومما حدث في البوسنة ومما يحدث في بلاد العالم الأخرى من غير المسلمين؟؟ أين هي من مبدأ العدل والإنصاف الذي هو أساس الشرعية القانونية؟؟ هل منع القانون الدولي الكيان الصهيوني من إرهابه منذ عصابات الهاغانا وحتى إرهاب شارون الحديث؟؟ هل طبق مجلس الأمن قرارات جمعيته العمومية بخصوص أهم قضايانا منذ القدم قضية فلسطين؟؟ ألم يكن الفيتو سلاحاَ لا يستعمل إلا ضدنا وضد مصالحنا؟؟ هل تعلمون كم قرار فيتو استعملته أمريكا لوحدها ضد قرارات لسنا من أقرها بل جمعيته العمومية؟؟ كيف أشكو أخي وإن جار لعدو ظالم؟؟
لقد قمت بمراجعة النص الإنجليزي للقانون المشار إليه ولي عليه ملاحظات سأوردها في حينه ولكني أعود إلى مناقشة ماهية ومفهوم ووجهة الإرهاب كونه المحتوى الأهم لهذا البيان لأتساءل مجدداً: من الذي يمارس الإرهاب بكافة أشكاله الدولي والفردي؟؟ من هو المسؤول عن أكبر عدد لقتلى المدنيين؟؟ من هو المسؤول المباشر عن أعلى مستوى لقتل الأطفال والنساء في العالم؟؟ من هو المسؤول الأكبر عن كل الجرائم بحق الإنسانية والشعوب؟؟ الجواب بحسب آخر الإحصائيات لمنظمات المجتمع المدني المتخصصة تؤكد قاطعة بأنها أمريكا. وفي أوائل الإحصائيات تؤكد أنها الغرب أو الشرق وأن العرب والمسلمين هم أقل الأمم إيذاء لغيرها. هذا ما تصرح به الإحصائيات والتقارير وحتى التاريخ فلا يأتينا من لا يعرف كل الحقائق فيدعي بما يشاء. يكفي أن نأخذ العراق شاهداً في الماضي من المغول وفي الحاضر من تتار هذا العصر. فلماذا لا تتخذ إجراءات المقاضاة بحق شارون مثلاً عن جرائم صبرا وشاتيلاً ومجازره في فلسطين؟؟ ولماذا لا يحاسب هذا السفيه بوش عن عشرات الآلاف من الأطفال ومئات الآلاف من المدنيين ممن قتلوا بسبب قراره الحرب وبأيدي جنوده؟؟ لماذا لم يحاسب الشاذون عن بشاعة ما اقترفوه بحق المسجونين العراقيين وحقوق الإنسان وأسرى الحرب في جوانتانمو؟؟ لماذا لم يبادر هؤلاء الأدعياء للإشفاق على كل هؤلاء ولماذا لم يطالبوا يوماً بمحاكمة شارون أو بوش أو حتى رئيس روسيا؟؟ هل بات القانون الدولي مجرد صفقات سياسية ومفاوضات مصلحية .. أغضي لك هنا وتغضي لي هناك؟؟
"نحن المثقفين"؟؟؟ هل هم حقاً كذلك؟؟ هل المثقف ممن يشتغل بالكتابة والمناظرة لا يعرف متى يرفع الاسم ومتى ينصبه؟؟ الأجدر بهم لو كانوا مثقفين حقاً أن يقولوا "نحن المثقفون العرب والمسلمون الديمقراطيون والمسالمون الليبراليون" لا يسارع أحدهم فيسفه هذه الإشارة إلى الأخطاء اللغوية الكثيرة في البيان فمن يفرط في صغائر الأمور (ولا أرى اللغة هنا من صغار الأمور) يفرط في كبارها. إن خطأ واحد في كتابة نص قانوني قد يحيله مثلاً إلى عكس المطلوب.المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرافدي
ثم قد نفهم أنهم عرباً إذ يتحدثون العربية وإن ألحنوا فيها ولكن بأي حق يصنفون أنفسهم مسلمين ويتحدثون باسمهم؟؟ أليس المسلم هو من التزم منهج الإسلام وأسلم وجهه لله؟؟ هل يقبل هؤلاء بهذا التعريف؟؟ هل رآهم أحدكم يوماً يستشهدون بما جاء في منهج الإسلام أو يقومون ولو بقليل من الجهد في الإيحاء بأن من يكتب ما كتبوا يحمل صبغة إسلامية؟؟ ثم هل هناك مسلم ديمقراطي ومسلم غير ديمقراطي؟؟ ما نعرف أن هناك مسلم مهتد ومسلم ضال. هناك مسلم يطبق منهج الإسلام بشكل صحيح وهناك من يخطئ في التطبيق. هم إذن هنا أخطئوا حتى في التوصيف.
ثم يصفون أنفسهم بأنهم مسالمون ليبراليون. أولاً .. مسالمون لمن وكيف؟؟ إن كانوا يسالمون المعادي المجاهر بالعداوة ويناوؤن الأخ المسلم فيكف يستوي هذا عند من يدعي أنه مسلم؟؟ أليس من منهج الإسلام أن الأقربين أولى بالمعروف؟؟ لماذا سالموا أعداء الأمة وعادوا الأقربين؟؟ إن الإسلام دين السلام منهجه سلام وتحيته سلام وتعامله مع الآخر بالسلام إلا لمن عادى أو آذى. فماذا يضيف النعت هنا للمعنى؟؟ إن سياق الكلمة هنا يعني في الحقيقية المستسلمون .. هذا يعرفه من له علم في البلاغة والبيان. ثم ليبراليون؟؟ ماذا يعنون هنا بـ "ليبراليون"؟؟ كيف يستقيم المعنى هنا بين كونه مسلم وليبرالي؟؟ المعنى الاصطلاحي متناقض وقبله المعنى المنهجي. كيف يمكن الجمع بين المسلم الملتزم بالمنهج وبين من يدعي تخلصه من كل قيد أو التزام؟؟
إن تقديمهم لأنفسهم توصيفهم لمنهجهم قائم على خلل وتعارض وتناقض كبير مما يدعو إلى التساؤل: كيف يمكن أن تجتمع النقائض إلا قولاً أما الفعل فيكشفه المضمون والتصرف والتوجه وهذا ما يفقدهم المزيد من المصداقية. إن محاولتهم هنا ما هي إلا امتداد إلى محاولتهم منذ البداية أن ينصبوا من أنفسهم ممثلين لجميع الأمم وجميع التوجهات. هذا ما يريدون وأنى لهم!
ولعل المتأمل هنا في أسلوب الصياغة يتأكد لديه ما قصدنا من أنهم مستسلمون منبطحون لا يمثلون إلا أنفسهم كبقوق من أبواق الطابور الخامس يسعون لإيذاء الأمة بدل أن يسعوا إلى حل مشاكلها وإلا فكيف يطالبون من هم أحرص من الحرص على أن يحاربوا أهل الإسلام عامة وعلماء الدين خاصة. لعلي أذكرهم بالمثل الذي يقول بشيء من السخرية المرة "لا توصي حريص!" إن أشرار الغرب لو علموا أن هناك مسوغ قانوني فلن يتردد في ذلك وهم بالتأكيد يبحثون في سن قوانين تحقق لكم ما توسوس لكم به نفوسكم فاهنئوا.
إن الدعوة لمحاكمة "رجال الدين المتزمتين" و "فقهاء الدين" بناء على فكرهم أو منهجهم أمر يعارض القانون الدولي وحقوق الإنسان اللذان كفلا للفرد حرية الرأي وحرية المعتقد. ثم إن المطالبة بمحاكمتهم على فتاواهم التي يستقونها من عقيدتهم أكانت صواباً أو خطأ أمام محاكم غير أسلامية أمر غير قانوني يفتقد للاختصاص والإنصاف. كيف يمكن أن يحاكم الفقيه من لا يفقه؟؟ إن هذا التعارض مع أسس القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة وحقوق الإنسان يسقط هذه الدعاوى ويفقدها جديتها. ثم إنها تفتقد إلى المصداقية وتحمل كماً كبيراً من التحامل والتجني الظاهر بأن نسبوا "كل" أسباب الإرهاب إلى "رجال الدين" هؤلاء. أين المطالبة بمحاكمة المتطرفين اليمينيين في أمريكا ومن قبلهم كهنة اليهود في الكيان الغاصب الذين يدعون إلى إبادة الشعب العربي بل والإسلامي؟؟ أين المصداقية والإنصاف؟؟
هذا لا يعدو تأكيداً على أن من كتب ما تقدم موتورون وأبواق تسعى لاسترضاء الغرب طمعاً في مكافأة الغرب وما يزيد ما تقدم إلا التأكيد على عدم جدية طرحهم وعدم عدالة دعواهم إذ لا يحكم عاقل على الأمة أو على المجموع بتصرفات فردية لأشخاص. إنني شخصياً أعارض بعض ما ورد في هذه الأمثلة من تصرفات أو اجتهادات ولكن ذلك لا يعني أن نعمم الحكم ونعتبره حيثية قضائية يمكن أن يبنى عليها.المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرافدي
ولعل ما أثار انتباهي مرة أخرى هو أسلوب الخطاب واستخدام المفردات وأكثر ما أثار حفيظتي هنا هو إشفاق هؤلاء النفر على الكيان الصهيوني وأجدر بهم أن يشفقوا على أطفال ونساء وشيوخ فلسطين. أجدر بهم أن يشفقوا على شجر وحجر فلسطين. أجدر بهم أن ينصفوا فيصرحوا بصدق من الجاني ومن المجني عليه. هذا إذا كانوا يعلمون كيف يقتل الطفل الفلسطيني في منتصف الليل في فراشه أو في حضن أمه.
إقراركم هنا يدينكم. أنتم تطالبون بمحاكمة أبناء أمة تدعون أنها تتضرر منهم وتضيق بهم. إن كان زعمكم صادقاً فكيف تحمي الشعوب هؤلاء و"تضطرون" بهذا أن تلجؤوا إلى غير الأمة ممن تراها الأمة عدواً ليقوموا بهذا. إن التوصيف الحقيقي لهذا الأمر هو الخيانة للأمة التي تدعون أنكم تنتسبون لها ولو كنتم جادين ومتجردين لحاربتم هذا التيار وصمدتم على المبدأ من الداخل ولعمدتم إلى إصلاح الذات لا نحرها بيد من يعاديها.المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرافدي
الأسماء هنا؟؟ لا تعليق! فالأمة كلها تكفيني الرد.المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الرافدي
وأخيراً ... إن هذا النص متهافت مغرض يفقد جديته وقانونيته ومصداقيته ودقته من أول حرف حتى آخر حرف فيه كما أوضحنا. وهو وإن لا يعتد به كحيثية قانونية إلا أنه يقدم أفكاراً لبعض من يبحث عن المصالح على حساب الأمة ويكشف وجوهاً ما كانت يوماً إلا عن الحياء مكشوفة وبالإغراض معروفة.
تحياتي وتقديري