أذكر أني قرأت كتابا للفريق سعد الدين الشاذلي بعنوان " الخيار العسكري العربي " شرح فيه بالارقام والنظريات العسكرية والميدانية سبل النجاح وبناء الخطط الحربية لقلب موازين القوى بين العرب والكيان الصهيوني , ولفت انتباهي في احدى فصول هذا الكتاب القيم رأي كاتبه فيما يخص تأثير اللوبي الصهيوني على توجهات الادارة الامريكية والقرار الأمريكي ككل , نافيا هذه الفكرة جملة وتفصيلا باعتبار ان امريكا امبراطوريية عظمى لها تاثيرها الكبير على كل العالم بل وذهب ابعد من ذلك حينما اعتبرا أن امريكا هي التي تستغل اسرائيل لصالح مشروعها في المنطقة وتستخدمها في خدمة أهدافها الاستراتيجية البعيدة والقريبة المدى . أقنعني تحليله الى حد ما وآمنت بفكرته ردحا من الزمن لكن مع تطورات الأحداث في العالم وسقوط المعسكر الشرقي وظهور الهيمنة الأمريكية المطلقة تجلت الحقائق الرهيبة ومع غزو امريكا للعراق سقطت ورقة التوت عن الحقائق لتقودني الأحداث في آخر المطاف الى تغيير نظرتي لهذه الفكرة وهذا المنطق تغييرا جذريا , فما حدث ويحدث في العالم يصب كله في صالح الدولة اللقيطة .. امريكا ببيتها الابيض وادارتها والبنتاغون والكونغرس و رأس الحكم فيها كل هذا خاضع للأهواء الإسرائلية ومجرد لواحق وامتداد للارادة الصهيونية لتصبح كل هذه الادارات مجرد مشروع لموظفين اوفياء جدا للدولة العبرية
والا لما كانت الادارة الامريكية تقبل بأن تخوض حربا نيابة عن اسرائيل تخسر فيها الارواح والعدة والعتاد ناهيك عن الأموال المهدورة وسمعتها التي خسرتها بين الأمم , كل هذا من اجل ما تسميه امريكا ارساء الحرية والديمقراطية في العراق .. لكن الحقيقة التي يعمى عليها البعض او يتعامون عليها هي إقامة اسرائيل الكبرى حسب النظرة الإسرائيلية والحلم اليهودي والتي يؤمن بها قادة الكونغرس والبيت الابيض وكثير من اهل الفكر والمؤلفة قلوبهم على إسرائيل الكبرى ايمانا عقائديا وراسخا باسرائيل الكبرى .
الشعب الإمريكي الذي لا تهمه كثيرا السياسة الخارجية لبلاده لانه يعتقد ان امريكا هي العالم والعالم من حوله لا شيء ويهمه الحريرات التي يستهلكها الجسم الإمريكي أكثر من اهتمامه بما يحصل في العراق , لا يعرف أن الرئيس أو الرؤساء الذين ينتخبهم ويصوت عليهم هم موظفين لدى المصالح الاسرائيلية او ملحقين لدى الدولة اللقيطة منذ الحرب العالمية الثانية ومنفذين للخطط الإسرائيلية .. التي وجدت في امريكا ضالتها بعدما كانت تركب صهوة مجلس اللوردات وحكومة جللالة الملكة في بريطانيا قبل الحرب العالمية الثانية وهذا لا يعني انها تخلت عن تاثيرها هناك ما هو حاصل انها وسعته حتى وان كان التاثير اليهودي في بريطانيا اقل منه في امريكا لاختلاف الأهداف الإستراتيجية المستقبلية . ورغم ما تقدمه امريكا من مساعدات وتعاون في شتى المجالات خاصة العسكرية منها لاسرائيل الا ان وسائل الإعلام تفاجئنا بين الفينة والأخرى بفضائح تجسسية الابطال فيها عملاء اسرائليون باعاز من اسرائيل حليف امريكا الأول رغم ان الاعلام حذِر في مثل هذه الأمور لان سطوة الذراع اليهودية عليه غير محدودة لنصل الى نتيجة مفادها ان ما يحدث من تجسس اسرائلي على امريكا تستره المصالح المشتركة او التي يعتقد الامريكيون انها مشتركة ولكن واقع الحال يقول انها مصالح اسرائلية صرفة , ورغم خطورة هذه العمليات تكتفي الادارة الامريكية بعتاب خفيف " على شاكلة الحجرة من الحبيب تفاحة " .
ورغم أن أمريكا في استطاعتها بناء علاقات ودية مع الدول العربية والتعاون معها في مختلف المجالات دون الحاجة الى عدائها المقيت الذي لا يبرره الا خدمة المصالح الصهيونية وكل هذا لن يكون في صالح العرب ولن يكون بطبيعة الحال في صالح حتى امريكا ذاتها فالمستفيد الوحيد من كل ما يجري في العالم هو اسرائيل .. ورغم ذلك تعادي امريكا 22 دولة لأ جعل عيون اسرائيل العمشة التي قامت على أنقاض شعب له تاريخه وجذوره الضاربه في باطن التاريخ . وليت هذا العداء امتد الى العرب وتوقف بل امتد الى جيران امريكا نفسها في امريكا اللاتينية .. و قد يقفز سؤال ملح الى الأذهان .. ماذا يظر امريكا وهي الدولة العظمى والمتفوقة في كل المجالات لو بنت علاقات انسانية مبنية على الاحترام المتبادل مع الأمم الأخرى في اطار مصالحها الاستراتيجية ..؟ بالتأكيد لن يظرها شيء بل على العكس من ذلك ستستفيد وتفيد كثيرا بل سيكون العالم اكثر أمنا .. لكن المتضرر الوحيد من هذه العلاقات الطبيعية والدولية هي اسرائيل لان وجودها بحد ذاته حالة تاريخية شاذة وأمر غير طبيعتي بالمرة لا يفسره منطق ولا قانون ولا عرف او دين .. لذا توجب عليها أن تجعل علاقة العالم بأعظم دولة واقوى دولة علاقة غير طبيعية وشاذة في طبيعيتها تصب في صالح وجودها الغير طبيعي .
و الحقيقة التي يجب ان يدركها العالم ان جورج بوش وكل الرؤساء الذين سبقوه منذ الحرب العالمية الثانية بمستشاريهم وبيتهم الابيض و "كنغرسهم " والبنتاغون والخبراء في الميادين المختلفة ووسائل الإعلام المختلفة ليسوا إلا موظفين لدى الكيان الصهيوني والمفارقة المضحكة ان هؤلاء الموظفين هم الذين يدفعون لمستخدمهم وليس العكس .