منالُ الجنوب

منالُ الجنوب
"من مجموعة نهاية المأساة "
منالُ الربيع
هضابُ انتماءٍ لغيمٍ وديعٍ
تفتّحَ فيها ارتعاشُ الغصونِ
تناثرَ حولَ اخضرارِ شذاها ندى من ولوع ..
حكايةُ أنشودةٍ أوقدَتْها أياديْ الشموع
*
منالُ الحضور
عذوبةُ صوتٍ كفوحِ البخورِ
وريدُ ابتهاجٍ يضخُّ الدماءَ بقلبِ السرور
حنانُ أيادٍ تصافحُ كفّ الشعاع المحلِّقِ
عَبْرَ رحيلِ العبيرِ
*
منالُ الجمال
مزارعُ تسكنُ حضن الرمالِ
وتزهر في عبق البرتقالِ
يمازجُ رائحةَ الياسمين لتصحوَ تلكَ التلالُ
على همسِ أوراق نخلٍ خجولِ الظلالِ
*
منالُ ازدهار
تألُّقُ رحلةِ ذاك المغامرِ
خوضُ الضياءِ العنيدِ غموضَ البحار ِ
فضاءُ انطلاقٍ ، سموٌ ، رقيٌ وإطلالةٌ للنهارِ
*
منالُ الكُروم
مراسمُ حفلٍ لتتويجِ مملكةٍ للأماني
ونفضِ جميعِ غبار الهموم ..
أشعةُ صفوٍ تسافرُ تركضُ خلفَ النجوم
*
منالُ اشتياق
تُلملِمُ شَعثَ اندفاعِ المرايا
ليُصقلَ فيها التماعُ الوفاق
وتظهرَ صورةُ وجهٍ جميلٍ
يطلُّ على مشهدٍ من لهيبِ العناق
*
منالُ العهود
روائحُ وعدٍ تبثُ الحياةَ بقلب الوجود
على شفتيها استفاق انتعاشُ الوُرود
يشيرُ إلى الأفْقِ يمطرُ نشوة أنجمِ فجرٍ سعيد
*
منالُ المضيّ
كثيْبُ انفعالٍ على قمّةِ المرتجى الراكضِ
حديثٌ مع الليل همسةُ وجدٍ
براءةُ طفلٍ تغرُّدُ فيها عصافيرُ صدقٍ..
حنينٌ يواجهُ نبضَ الحياةِ بقلبٍ رضيّ
*
منالُ الوصول
حديقةُ ضوءٍ ، توهَّجْ لتُمنَحَ إذنَ الدخول
فعشبُ التسامح ِ فيها كثيفٌ
على جذع أشجارِوصلٍ بها ، يستريح الذهول ُ
*
منالُ اللقاء
بزوغٌ مع الفجرِ حضنٌ دفيءٌ
تنام به مُجهَداتُ الضياء ..
تباشيرُ أغنيةٍ لحّنتَها ترانيمُ أيدٍ
تلامسُ جرحَ المدى في قلوبٍ تُريدُ التلاقي ،
لينبتَ نخلاً طروبَ السعوفِ
وينبتَ أفقاً شديدَ الصفاء
*
منالُ انسجام
تصفّفُ شَعر الأماني
تكحِّلُ جفن الغرام
وتحملُ في راحتيها زهورَ التأملِ رُغم الزحام
سحابةُ شوقٍ ترفُّ
على رمشِ ترنيمةٍ من وصالٍ عفيف الملام
مناظرةٌ بينَ بعد المسافةِ يرجوْ الوصولَ ، ورُوحِ الوئام
*
منالُ الجَنوب
غلالةُ وردٍ تزيّنُ وهجَ الدروبِ
مشاهدُ من ذكرياتِ الرجوعِ
وأسرابُ حبٍ تطيرُ على غيمةٍ من شموع
بنفسجةٌ من روابي التمنّي ترفرفُ بين الضلوع
أصالةُ شمسٍ وطيبةُ أهلٍ
وصوتٌ يعطِّرُ سمعَ القلوب .

غيم وديع
فوح بخور
مملكة للأماني
لهيب العناق
بزوغ الفجر
براءة طفل
حديقة ضوء
غلالة الورد
أصالة شمس
وغيرها كثير ..
صور متتالية وعديدة
لقد أخذتنا معك إلى عالمك الخفي المتحف بالجمال والدهشة
من خلال مقطوعتك الشعرية الرائعة ..
تقبل تحيتي وتقديري

يا سيدي
الناس تقول:
الشاعر ابن بيئته
وانا هنا أثناء قراءة نصك
شعرت بأني جالس في حدائق لندن
ربيع كلماتك جميل
وأجمل كلماتك ربيع
وأخضر ربيعك كلمات
وكلمات اخضرارك ربيع
تقبلني على بساطتي
تحياتي

سراب الوصول: زيد خالد علي

الشاعر الكريم
أ. إبراهيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رحلة شعرية ممتعة استطعت فيها أن تصطحب المنال مع وجوهه المتعددة ، فأتقنت الصحبة ، وابدعت التصوير الكاشف عن صفاء وجدانك ، فلك التحية والتقدير .
واسمح لي بسؤال حول مجيء الفعل " توهج " في قولك :

منالُ الوصول
حديقةُ ضوءٍ ، توهَّجْ لتُمنَحَ إذنَ الدخول
فعشبُ التسامح ِ فيها كثيفٌ
على جذع أشجارِوصلٍ بها ، يستريح الذهول ُ
أهو أمر مبني على السكون أم مضارع جزم بلا جازم لضرورة الوزن ؟ وكونه أمرا أو مضارعا له دور في السياق من ناحية ، ودور في فهم المتلقي من ناحية أخرى ؛ فإذا عد أمرا فإن السياق يقتضي أن يكون :
منالَ الوصول
بجعل " منال " منادى ، وتكون " حديقة " خبرا لمبتدأ محذوف ؛ تقديره : " أنت " مثلا .
أما كونه مضارعا فلعل لديك ما تضيفه إلى مجيء المضارع مجوزما بلا جازم .
وقد يكون ماضيا ؛ ومن ثم يتحتم بناؤه على الفتح الظاهر ، وتسكينه قد يكون محل أخذ ورد بين المتلقين .
ُ
تساؤلات واحتمالات آمل أن يتسع لها صدرك ؛ لأن شاعريتك التي تنبيء عنها رحلتك تغري بطرح مثل هذا النوع من الحوار.
ولك تحيتي وتقديري

"

ما بين تنهيدة وآهة بيان يجري القلم على ساحات الخيال حصان يصهل في ملتقى الولوج إلى عوالم تنير بهجة النفوس ، وما بين ترنيمة وتوليفة المنال نجمح معك على ظهر غيمة تشق عنان الصمت بقطرة مساء ، فنرى الفلك على مسافات الصدور أنواط جمال .
هنا تتوحد الكلمة مع الحقيقة لرسم ميناء الذاكرة .
شكرا أخي
والشكر لمن سبق وأخص ذكرا أستاذنا الأديب الشاعر د حسان فله باقة إجلال

ذائقتك هي الأجمل يا أخي عبدالملك

تحياتي

أولاً : شكرا جزيلاً يا أخي زيد على كلماتك الجميلة

ثانياً : هذا النص كتبته وأنا في أحضان الجنوب الليبي قبل حوالي ثلاثة أعوام . صحيح أن الربيع في بريطانيا جميل ، ولكن الصحراء عندما تزهر يا أخي فإن ربيعها رغم بساطته يثير في النفس مشاعراً قد لا يثيرها أي ربيع آخر

تحياتي

د حسان

ربما تكون الصورة محتاجة إلى بعض التركيز ولكن لا أعتقد أنها على هذه الدرجة من التعقيد

المعنى بكل بساطة " منال هي الوصول ، وهي حديقة ضوء ، فإذا أردت يا أيها المتلقي أن تدخل لهذه الحديقة - أو ربما أكون أخاطب نفسي هنا- عليك أن تتوهج حتى تستطيع الدخول "

أرجو أن يكون المعنى قد أصبح واضحاً الآن

شكراً جزيلاً


تحياتي

يسعدني مرورك من هنا كثيراً يا أخي محمد

شكراً جزيلاً لك

تحياتي

أخي الكريم

الشاعر الأستاذ إبراهيم

معذرة على العودة مرة أخرى ؛ فقد كانت تساؤلاتي منصبة على كون الفعل "توهج " ساكن الآخر ليس

إلا ، مع احتمال كونه ماضيا أو مضارعا أو أمرا .

وما أشرت إلى شيء يتعلق بتعقيد الصورة أو وضوحها ؛ فمعذرة مني إليك إذا كان في تساؤلاتي أمر

مزعج ؛ لأن ما دفعني هو الحرص على سلامة اللغة متسقة مع السياق والمعنى .

وأما تصويرك فهو إبداع لا يستحق غير الإعجاب والتقدير .

لك تقديري ومودتي .