أبصر من بعيد أرنبا خلويا ،خاتله ، ترصد له ، تسلل وسط الاشجارالكثيفة ، باغثه من طرف خفي ، وصوب السهم إاليه ، لكنه أخطأه . فرّ الارنب واختفى كلمح بالبصر .
عض انامله من الغيض ، وعاد أدراجه يجر أذيال الخيبة.
قص القصص على توأم روحه ، فهدّأ من روعه قائلا : لاتُذهب نفسك حسرات على رمية لم تصب ، فكثيرا ما تجري الرياح بما لا نحب !.
أصاخ السمع مليّا ، و حدث نفسه قائلا : لمَ أكلّف نفسي كل هذا النصب ؟ ، أبعث بورقي هذه الى السوق ، وأشتري أ رنبا "بلديا "أو "مدنيا "، و أصنع ما هممت به لو أمسكت ذاك الذي هرب .
و في الصباح الباكر ، راح الى جار يعتاد السوق ، وسلمه الورٍق ، وأوصاه باختيار أرنب وسط لا هزيل قد بدى منه العظم ، ولا سمين اثقله الشحم واللحم .
ذهب الرجل الى السوق ،وجاء بأرنب اطمأنت اليه نفسه ، وسلمه لصاحبه و فمه يتحلّب شوقا للمرق ،غير أن صاحبه لم يكلف نفسه عناء الشكر ، فكيف بدعوته لأكلٍ دسم .
حبس الارنب في قفص لئلا يهمّ بالهرب ، وظل أياما يدربه على الصوم و احتمال الجوع والعطش .
جمع الأطفال ليريهم رأي العين الفرق بين الكلب والارنب ، ولما تحلقوا حوله بادرهم بالسؤال عن الفرق بينهما، فلاذوا بصمت مريب ، ثم نهرهم قائلا : ألم تدرسوا الفرق بين العاشب واللاحم ؟ ،العاشب لا يقتات سوى العشب ، واللاحم يلتهم اللحم!
قدم للارنب اللحم أولا فالتهمه من شدة الجوع ،فاستبد به الغضب مرتين : سدد فاخطأ ، علم فأُفحمَ ، وكيف له أن يقنع الصغار بان الصفاقة حظُّه أو أنه كبير بغير لبّ، وليس للأرنب الصغير ذنب !.