أحدث المشاركات

قراءة فى مقال حديقة الديناصورات بين الحقيقة والخيال» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» فصلُ الخِطاب» بقلم عبد الحليم منصور الفقيه » آخر مشاركة: عبد الحليم منصور الفقيه »»»»» اللحاق بالشمس قبل الندم» بقلم حسين إبراهيم الشافعي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» دَوَائِي دَائِي» بقلم علي عبدالله الحازمي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» وحدوا الصف» بقلم عدنان عبد النبي البلداوي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» نظرات فى مثال متلازمة ستوكهولم حينما تعشق الضحية جلادها» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نظرات في مقال أمطار غريبة» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نظرات في مقال ثقافة العين عين الثقافة تحويل العقل إلى ريسيفر» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» الغرق فى القرآن» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» قلقلة» بقلم محمد إسماعيل سلامه » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»»

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: علامة خصوصية

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Mar 2015
    الدولة : الجَزَائر
    المشاركات : 36
    المواضيع : 12
    الردود : 36
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي علامة خصوصية

    زَرع بذرة تحت غطاء رأسه وانكفأ يسقيها بقناعته الجديدة: الصمت رَحمة.
    رحمة مادامت تنأى به عن أصوات الاستهزاء وأجراس السخرية، عن شيء يضحكهم... شيء لم يختره بنفسه يوما.. شيء ما يزال يهتز على طرف لسانه لتتراقص حروف كلماته متلعثمة:
    - ع ع ع ع عــادي.
    اقتنع أنّ عافية الشعور تكمن في تحنّطه، في ألّا يكترث، في أن يكف عن الاهتمام بما يصب في غير مجراه.. في أن يتلبّد مختصرا إجاباته بـ : عادي.
    يومها.. بدا صباح القرية كأي صباح عادي، إلى أن طرق الخبر أبوابهم.
    - الشرطة أمام داره!
    تسارعوا نحو الحدث، تجمهروا حول بيته، ثمة ملف يستحق المتابعة هنا، ثمة ما يستدعي الغيبة هذا الصباح.
    قال البعض: "صمته المهيب مؤخرا كان يُخطّط لشيء". تمتمت بعض العجائز: يا له من مسكين، قال جاره: المظاهر خداعة فعلا، وردّ عليه آخر: كنتُ أحس بأنه يُخفي شيئا.
    أما هُو فتعثَّر طويلا بمِيمِه، حاول أن يفهم ما يجري:
    - م م م م ماذا فعلت؟
    زجّوه في سيارة الشرطة بعد أن أحكموا تقييده، وقبالة طاولة مستديرة صرخ المحقق في وجهه:
    - عليك أن تعترف.
    - بريء، كريم، انعزالي، بارد وطيّب حدَّ السذاجة.
    هذا ما يعرفه عن نفسه وما لا يمكن أن يكون جوابه المنتَظر من المحقق.
    كانت الصدمة تُطوّق شعوره وتضيف عُقدا جديدة للسانه الثقيل، لا يعرف كيف وصل إلى هنا ولا بأيِّ تُهمة. وهذا الثائر في وجهه يطرح أسئلة تبدو واضحة لكنه لا يفهمها. يحتاج لأن يستوعب الحدث ولأن تطيعه الأحرف لمرة واحدة ليجاري سرعة كلامهم، لكن الكلمات تموت عند حافة النطق وتتكور أسفل شعور الدَّهشة .
    - لـَ لـَ لـَ لم أفعل شيئا.
    طالعه المحقق بملامح غاضبة وأسداه لطمة على وجهه:
    - منذ متى وأنت معهم؟
    - م م م ....
    - كم عددكم؟
    - أ أ أ أنا وَحيد أبوي.
    كانت اجابة ساذجة استفزت غضب المحقق ليلقّنه ضربة أخرى على بطنه في الوقت الذي اقترب أحدهم من هذا الغاضب وهمس في أذنه: صوته المتهدّج دليل خوفه.. سيعترف قريبا.
    - الأحد الفارط ، الساعة الثانية زوالا.. بمن اتصلت في الهاتف؟
    أخذ يسترجع أحداث أَحَدِه الماضي، يتجاوز الساعات إلى الساعة الثانية متَذكرا رجلا عابرا في الشارع طلب إليه استعمال هاتفه المحمول ليُجري اتصالا عاجلا بأحدهم.
    يترجم هذا المشهد بصوته الهزاز، في حين يتهامس المحقق وصاحبه خُفية: ارتباكه مبالغ فيه.. حتى أنه لا يقدّم جملة واحدة مترابطة .. لاشك أنه يُؤَلّف الكذب.
    يواصلان حملة الضرب والأسئلة، ويواصل هو إجاباته المتقطعة التي تزيد من حدّة ثورتهم عليه.
    بعد ساعة أخرى يقتنع أن ما من سبيل للدفاع أو التبرير، وأنه قد تورّط باتصال هاتفي صادر منه لرقمِ إرهابِي تحت المراقبة، ويكتفي بالصمت.
    يقدّم المحقق أمْرا بفَض جلسة التحقيق وتحويله إلى الإقامة في السجن، قبل أن تقع عيناه على البطاقة الشخصية للمتهم الذي يقابله ويقرأ:
    - علامة خصوصية: معاق.
    يتفطّن أخيرا ويسأل:
    - هل لديك مشكلة في النطق؟
    ويُجيبه بهزة رأس مُوافقة: نَ نَ نَعم.
    يفتتحون التحقيق مجددا بآذان أكثر إنصاتا و وروح أكثر صبرا قبل أن ينتهي المطاف أخيرا ببراءته وإخلاء سبيله.
    يمضي نحو بيته مُتفكرا في ذاته وقناعاته، فيستقبلونه عند مدخل القرية مُهلّلين:
    - كنّا واثقين من براءتك.
    ويجيبهم هذه المرة بقهقهة صاخبة متمتما لنفسه: التضاحك مُتعة.

  2. #2
    مشرف قسم القصة
    مشرف قسم الشعر
    شاعر

    تاريخ التسجيل : May 2011
    المشاركات : 7,009
    المواضيع : 130
    الردود : 7009
    المعدل اليومي : 1.48

    افتراضي

    الأخت نجود

    نص جميل ، وعنصر التشويق كان حاضراً .

    لديه صعوبة في النطق ولديهم صعوبة في تقدير الأمور مثلما تستحق .

    شكراً لكم وتقديري .
    وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن

  3. #3
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,141
    المواضيع : 318
    الردود : 21141
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    وما بين ( الصمت رحمة ) و ( التضاحك متعة ) درس قاس تلقاه دون ذنب او جريرة
    فكرة قوية بسرد ماتع، وقصة محبوكة، وأسلوب متمكن في رسم المشهد بإجادة
    سلمت الأنامل ـ ودمت متألقة. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  4. #4
    الصورة الرمزية كاملة بدارنه أديبة
    تاريخ التسجيل : Oct 2009
    المشاركات : 9,824
    المواضيع : 195
    الردود : 9824
    المعدل اليومي : 1.85

    افتراضي

    من بين أروقة التّحقيق غير النّزيه، جاء السّرد ممتعا وجاذبا حتّى النّهاية
    بوركت
    تقديري وتحيّتي

المواضيع المتشابهه

  1. خصوصية البناء الشعرى عند رفعت المرصفى
    بواسطة ابراهيم خليل في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-03-2022, 12:03 PM
  2. الإسلام السياسى .. خصوصية خاطئة !! ...( 2 -6 )
    بواسطة محمد شعبان الموجي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 28-11-2004, 04:50 PM
  3. الإسلام السياسى .. خصوصية خاطئة !!.... 1 - 6
    بواسطة محمد شعبان الموجي في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 27-11-2004, 03:04 AM