العزيز علاء الدين....
جدار
سأل الطفل أباه:
- أين يقع جدار يأجوج ومأجوج؟
صمت الأب مفكرا ..فهمست أخته التوأم:
- رأيته في التلفاز يبنى في فلسطين.
لو سالتني اين يقع الجدار الفاصل...
لقلت لك بلا تردد بين العقل العربي اولا من ثم الاسلامي وبين الواقع الانساني في وقتنا..فكلاهما ابتعد..حتى اصبح الامر اشبه بعملية موت على الطريقة البوذية.
ثم لو سألتني كيف...لقلت انظر الى ما في العقل العربي والاسلامي الان تجد اهوال من التخاذل والمصلحوية الطافية على كل شيء بحيث لم يعد العربي ولا حتى الاسلامي يفكر في ماهية وجود المقدسات ولا حتى وجوديتها القائمة الحالية المتمثلة في واقعها.
حائط
حين اشتد عليه الألم..دار وجه نحو الحائط..
رافضا توسلات أمه ورجاء أهله..
يداعب الحائط كشعر صبية بأنامله حين زوال الألم ..
يحفر الحائط كنقاش بأظافره حين هجوم الألم ..
عندما غادر..ترك أثرا على الحائط يشبه السرطان.
لو اصاب الجدار اليوم بهذا الخدش البسيط من انامله..اظافره..لعل (مع اني لست من محبي الامل) لعل ياتي من بعده قوم يفقهون ماهية السرطان ذاك..وينتفضون على عقولهم الدفينة تحت وطأة اللذة والمجون الآني...فينحتون تمثالا..ومن ثم ياتي قوم من بعدهم يطوفون حوله..ومن ثم ياتي قوم يحرقونه..ويعلنون الحرب بعقولهم اولا ومن ثم بروحهم على من سلبهم طوال هذه العقود حق الامام والاطمئنان.
إصرار
أصر خالد على دخول مغارة علي بابا مبرهنا على شجاعته
فدخلها عند ظهور أول نجم..
وانتظر غياب أخر نجم..
ومع سطوع الشمس ..
وجِد خالد كحجرٍ يصلحُ كصنمٍ يُعبدُ في قريش.
هكذا توالت عواصف رملية فدفنت خالد وكل من آمن به..فاصبح هناك الف خالد يموت ويولد غيره..تعود الناس هنا في شرقنا على صنع الهتهم..وعند الجوع ..والجوع انواع وصنوف..لايتوانون في بيعه او حتى اهدائه او اكله..فقط ليحصلوا على لذتهم.. نعم هكذا..جرت العادة..هنا..ياتي احدهم حاملا ديوانا من البديع والبلاغة وعلى صهوة جواد اصيل..يلقي كلماته الرنانة يلتف حوله الناس..لا..ليخرجوا من عبوديتهم المذلة..انما ليعبدوا الوافد الجديد القديم فيهم.
عناد
أصر على أكل السمك مع اللبن مبرهنا على خرافة مرض الجاحظ
وتمادى في شرب اللبن وحين انتهى خر مشلولا فأسعده
حين سمع من يعوده يصفه بأنه عنيد مثل الجاحظ.
لو عاندنا في الحق وفي ما هو لنا لكان الشلل اطيب من المسك..بل لكان نصرا لذواتنا على وجودنا..لكننا نعاند في التخاذل..ونأبى الا البقاء خراف.. نعاج..تسوقنا الصدف مرة..ويسوقنا جزارنا تارة اخرى..ويسوقنا اللذة والمتعة والمجون مرات ومرات...ويسوقنا مذلنا فيما تبقى من وجودنا من مرات...وفي الشارع..وامام من هم منا ومثلنا يعيش المذلة نتباهى باننا احياء..نعيش الحياة برفاه.
وكاننا خلقنا لنكون سادة على الضعفاء..وعبيد للاقوياء..نعم..نعاند في كل شيء..الا في كرامتنا نحن كانسان..نقبل الهوان على انفسنا ونذيق الاضعف منا الهوان ذاته انتقاما وثأرا لمهاتنا...نقتل بعضنا..وامام قاتلنا نسجد ونمسح الكعوب..بل نلحسها رغبة منا في البقاء.
اليس هو على حق..عاند..ويراه الناس عنيدا....؟
تقديري لهذه النصوص التي اراها اختصرت الحالة الراهنة التي عيشها الانسان في شرقنا بصورة واقعية ورائعة.
محبتي لك
جوتيار